من اليوم الاول اعتقد البعض أنّ الحركات الاحتجاجية في شوارع بيروت ستهمد تمامًا كسابقاتها من الاحتجاجات، بينما عقد الثوار العزم ووضعوا خارطة طريق للنهوض بوطنهم والاهم للتخلص من الطغمة الحاكمة، تبدأ اولًا بإستقالة حكومة التسويات التي اوصلت البلاد الى ما وصلت اليه، تشكيل حكومة تكنوقراط مهمتها اقرار قانون انتخابات، والثالث اسقاط الاحزاب الحاكمة في انتخابات نيابية مبكرة.
اول من انبرى لتقويض خارطة الطريق امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله بإطلاقه لاءاته الثلاثة، “الحراك” لا يمكنه اسقاط حكومة ولا عهد ولا يمكن الغاء نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة، وكأن السيد حسن وضع نفسه وحزب الله بما يمثل داخليًّا واقليميًّا خط الدفاع الاول عن الفاسدين، واجه الثوار تلك اللاءات بتجاهلها، فأسقطوا حكومة الحريري، وضغطوا لتشكيل حكومة تكنوقراط ما اجبر احزاب السلطة على استبدال وزرائهم بطواقمهم الاستشارية من خلال لعبة لم تمر على الثوار، ومع تشكيل حكومة حسان دياب المقنعة، يتبقى امام الثوار خيارين إما تطويق المجلس ومنع انعقاد جلسة الثقة، وإما القفز فوق خديعة السلطة والمطالبة بالانتخابات النيابية ولو اصرّت السلطة ان تجريها وفق القانون الحالي.
في عطلة الاسبوع تثبت الثورة انها مستمرة من خلال الحشود الشعبية الضخمة التي تشارك في التظاهرة المركزية في وسط بيروت، استمرار السلطة بتجاهل الثورة سيؤدي في نهاية المطاف الى سقوط شعار “السلمية” المرفوع منذ اليوم الاول، واكبر دليل احراق سياراتين لمكافحة الشغب في وسط بيروت الاسبوع الماضي، وسقوط اكثر من ١٥٠ جريح من مكافحة الشغب وفق التقارير الرسمية.
مع الوقت ومع دخولنا فصل الربيع ستعمد الثورة الى اطلاق لامركزية التحركات الشعبية الاعتراضية، بحيث يبدأ سيناريو اقفال مداخل ومخارج كل بلدة وقرية، من خلال سيناريو تطلق بموجبه الثورة حظر تجول على الجميع، والامر الايجابي الذي سيساهم بنجاح المخطط الظروف الاقتصادية التي تزداد تأزّمًا يومًا بعد يوم بحيث بات اقفال المحال والمؤسسات التجارية اقل كلفة على اصحابها من فتح الابواب امام زبائن لا اثر لهم. اللجوء الى اقفال الطرقات يوم الامتحانات الرسمية، التوقف عن دفع المستحقات المالية للسلطة، البدء من تحرك شعبي على مرفأ بيروت تمنع بموجبه البضائع على ندرتها من الخروج، وغيرها من الامور التي سيتم الافصاح عنها في وقتها.
المجتمع اليوم بات مجتمعًا ثائرًا، حتى السيد حسن نصرالله اطلق ثورة على المصارف للتخلص من وقع العقوبات الاميركية عليه، بينما علمت صفحتنا بأن ثورة اجتماعية جديدة ستُطلق قريبًا بوجه المؤسسات الدينية من مدارس ومستشفيات وغيرها من المؤسسات التي لم تؤيد الثورة فعليًّا ما يؤكد انها متواطئة مع احزاب السلطة بوجه شعبها، بينما يتم التنسيق بين احزاب السلطة المعارضة التي خرجت مؤخرًا من التركيبة الحكومية ما يعني انضمام شرائح اضافية الى الثورة ولو كان لتلك الشرائح اجنداتها الخاصة.
العبرة اليوم لنجاح الثورة قدرتها على اجراء تزاوج او مساكنة بين الاحزاب المعارضة والثوار الفعليين، حتى الساعة اثبتت الثورة قدرتها على الاستفادة من اللحظات والفرص بإستثناء واحدة وهي الاهم فتح الطرقات وعدم اجبار الاحزاب الحاكمة بعد استقالة الحريري على تأليف حكومة تكنوقراط تحت ضغط الشارع.