وُلِدَتْ الحكومةُ اللّبنانيّةُ بعد أسابيعٍ على تكليفِ حسّان دياب، الإيجابيّة الوحيدة حتّى الساعة أنَّ الولادةَ أتَتْ سريعةً ولم ننتظِرْ ٧ أشهرٍ، ولَوْ أنَّ تلك الولادة استدْعَتْ تَدخُّلَ كلَّ قيادات الأحزاب الحاكمة لِمساعدة المُكلَّف على عبورِ مخاضِ التّأليف القيصريّ.
مزيجٌ من الدّهاءِ والمكرِ أَنْتَجَ حكومةً بالشّكلِ تكنوقراطيّة، بينما مضمونُها حزبيٌّ حتّى النّخاع الشّوكيّ، والأسوأ أنَّ أحزابَ السّلطة وللإمعان بالسّيطرة على الوزارات اختارَتْ الأقرب إلى تنفيذِ خُطَطِها مِن ضِمْنِ طاقم المستشارين الّذي بالأصل ونتيجة مشوراتِهم وَصَلْنا إلى ما وصلْنا إليه. متى كان الأصيل أي الوزير السّياسيّ الحزبيّ يُعِدُّ خططًا وزاريّةً غير دقيقة وفاشلة ولا يخافُ على مُستقبِله السّياسيّ ورصيدِه الشّعبيّ، هل نتوقّع مِن البديل الّذي أقنعَ الأصيل بتلكَ الخطط من الإكتراثِ بردودِ فعل الشّارع؟ الحكومةُ حتّى السّاعة دونَ المستوى المطلوب، وفي ظلِّ الأزمةِ الإقتصاديّةِ الّتي نمرُّ بها، على الثّوّارِ مواجهتِها ميدانيًّا وليْس معارضتِها فقط.
حكومةٌ كلُّ المؤشّراتِ تدلُّ على أنّها استمرارٌ مُقنعٌ للسّياساتِ الحكوميّةِ السّابقةِ رُغْمَ كلِّ الجهودِ لِتجميلِها، حكومةٌ مرَّت على أبرزِ أطبّاءِ وصالوناتِ التّجميلِ في لُبنان، لكنّها لَمْ تأخُذْ المواصفات الإقليميّة المطلوبة إلّا بعدَ عبورِها امتحان الضّاحيةِ المتخصِّصِ بالإنتماءاتِ السّياسيّةِ وامتحان ميرنا الشّالوحي للخدماتِ الإنتخابيّة، وامتحان عين التّينة لزكزكةِ ميرنا الشّالوحي، والإمتحان الأخير لكلٍّ من معراب وبيت الوسط والمختارة الّذينَ خرجوا مِنَ المولد دونَ حمّص.
الحكومةُ لَنْ تُعمِّرَ طويلًا، فلا الرّيالات والدّنانير الخليجيّة ستَجدُ طريقَها إلى بيروت وسْطَ عُقوباتٍ أميركيّةٍ مُشدَّدَةٍ على مِحْوَرِ المُمانعة، ولا تلك الأحزاب الحاكمة بإمكانها الخروج مِنَ الأزمة بسببِ جشعِ أزلامِها وتنافُسِهم على الفوزِ بالحصصِ الكُبرى، الثّورة ستُسقِط الحكومةَ في الشّارعِ، مَسألةُ وقتٍ فقط، وبهلوانيّات السّلطة لَنْ تُفيدَ أركانَها بعدَ اليومِ بشيءٍ، الثّورة انطلقَتْ ولا رجوع إلى ما قبل ١٧ تشرين.