شربل دياب

في خطاب رئيس الجمهورية ميشال عون اظهر دعمه المطلق للتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، واصفاً المؤّيدين بالأبرياء، ومُصنّفاً ما تبقّى بالفاسدين.

نعم الشخص نفسه الذي أراد فرض الشرعية بدماء الأخوة عام 1989، والذي وصف حزب الله من منفاه بأنّه أداة في يد مشروع ولاية الفقيه الإيراني، والرئيس نفسه الذّي عطّل البلاد عامين ونصف ليزيد “الفخامة” على ألقابه المشبوهة، دار به الزمان وأعاده الى لبنان، ودخل بعناوين “فضفاضة” على الطبقة السياسية آنذاك، حاملاً رمح الإصلاح وطارحاً نفسه رأس حربة التغيير، وعازفاً على أوتار الإقطاع والتوريث لِيُعطّل حكوماتٍ ما بعدها حكومات “لعيون صهر الجنرال”.
نعم، هو المُحقّق المالي الذي نشر “الإبراء المستحيل” وحارس الـ”11 مليار دولار” التي تبخّرت على “بار” التسوية الرئاسية.
في المضمون التدقيق الجنائي هو خطوة عملية نحو كشف عِقد البازارات التي كانت تدور بين منظومة المافيا والميليشا من جهة، ومصرف لبنان من جهةٍ أخرى، والتي أفضت الى تجيير ودائع اللبنانيين لتمويل الزبائنية، السرقة وسوء إدارة دولةٍ هَوَت عن عرشٍ رائدٍ عالمياً، لتغدو مع أبالسة جُهنّم التي تأسرهم “الكراسي الهشّة”.

اللجوء الى خطواتٍ علمية أو عملية في معركة استرداد الدّولة والقانون، ليست فقط اقتراحات وقوانين وتشريعات، بل ثقافة احترام النصوص الدستورية، التي تفرض التطبيق مع سقفٍ اسمه العدالة، وقضاءٍ حقيقيٍ ومُستقلّ، لا أزلام سلطة وميليشياويين يحاكمون أنفسهم بأنفسهم.
لذا تبقى العبرة بالتنفيذ عبر تأمين استقلالية القضاء واحترام أحكامه التي تصدر بإسم الشعب اللبناني، وليس عبر المناكفات السياسية التي لا تنفع، ولم تنفع منذ الطائف حتى اليوم، ولعدم تكرار تجربة التحقيق في جريمة مرفأ بيروت، عندما برّأ كلّ من علي حسن خليل وغازي زعيتر أنفسهم بحجّة حصانتهم النيابية، إلّا أن لا حصانة تقف أمام حياة الشعب اللبناني وحقوقه.
أمّا في الواقع، فكيف للشعب أن يثق بمن قدّم وعوداً فارغة على مدى ثلاثة عقود من الزمن، من السيادة الى الأمن الى الإقتصاد والبنى التحتية، لكنّ السؤال الأهم الذي يطرح هو: أيُعقل أن يُحاكم “يهوذا” رفاقه لتسليمهم المسيح للرومان؟