منذ نشأة لبنان ونحن نعيش اختلاف وجهات النظر السياسية في قوالب ومشاريع متعددة، اضافة الى الاختلاف الكبير في الرؤية الاقتصادية للبنان.
اليوم نلمس انقلاب على الفكرة التأسيسية لبنان الكيان والتي كان عنوانها الاساسي ان لبنان لن يكون ممرا للاستعمار بل صلة وصل ما بين الشرق والغرب. اليوم بجر لبنان وبالقوة شرقا نحرت الفكرة التأسيسية للوطن والسبب اليتيم لنحر الكيان اللبناني تدخل ميليشيا ايرانية تطلق على نفسها اسم حزب الله بالصراعات المحلية والاقليمية، واستجرارها للعقوبات والحصار العربي والدولي.
في اتفاق الطائف اصبح لبنان بلد عربي الهوية والانتماء وكان قبل الاتفاق وطن ذو وجه عربي، ومع دخولنا عصر الاحتلال السوري تبدل عدد هائل من المفاهيم الاجتماعية، فأصبحت السرقة شطارة، و”الطبرطل” عملية مشروعة وتفككت الاسر بسبب التدخلات الاجتماعية، اضحت الخادمات المنزليات في كل بيت والسيدات لا يقدن الا الجيبات فقط لان السوري زرع في الشعب اللبناني الحسد واشتهاء المقتنيات والاشياء الدنيوية، نعم مع السوري تخلى لبنان عن دوره، ونسي اللبنانيون انهم مؤتمون على ارض اعتبرها الله يوما “وقفا له” ومنع ابناء صهيون من النظر اليها.
مع الاحتلال السوري كنا لم تعد هوية لبنان واضحة، وطرح يومها وليد جنبلاط سؤاله التاريخي، أي لبنان نريد، هل نريد لبنان هونغ كونغ او هانوي؟
الخيار كان واضحا واللبناني تبع الميليشيا لغة الغريزة الشهوانية التي تغلبت على لغة العقل فكانت هانوي لا هونغ كونغ، فإنطلق قطار الانحدار وبدأ مسلسل الانهيار السريع للقيم والأخلاق ما انعكس على سلوك السياسيّين وتبدلت مفاهيم الحكم لينهار الاقتصاد وتفقد العملة الوطنية قيمتها، لم تكف كل تلك الشدائد وابت الميليشيا الا ان تترك في قلب كل لبناني غصة او ذكرى من خلال الاغتيالات والقمع المباح والقتل والدمار والحروب والتخوين.
حالياً أهل دبي يستخدمون الانترنت في تعاطيهم مع الدولة وإداراتها، بينما في لبنان الدولة اللبنانية تتواطأ مع الميليشيا وتفجر مدينة بالنيترات.
وهنا نطرح بدورنا اي لبنان نريد على امل الا نسقط بالاختيار كنا حدث سابقا، هل نريد لبنان دبي او قندهار؟ بالامس، تابعتنا الاحتفال الافتتاحي لـ “اكسبو دبي ٢٠٢٠”، نعم انها دبي ذات التجربة الفريدة حيث تتحقق الاحلام، بينما اضحت بيروت مقبرة جماعية للشعب اللبناني عموما وللشباب اللبناني خصوصا. دبي مدينة العمل والسهر والتسوّق وبيروت عاصمة الذل والاذلال والطوابير والموت السهل. وان كانت “اكسبو دبي ٢٠٢٠” تضم أكبر “مول”، وأكبر “أكواريوم”، وأكبر حديقة، وأطول برج واللائحة تطول … ففي بيروت ثالث اكبر انفجار في التاريخ، وفي بيروت لا كهرباء ولا ماء ولا كرامة ولا عنفوان، في بيروت تسير الثياب هائمة في الشوارع بلا اجساد لان الروح اعدمت من عقود.
كانت بيروت سويسرا الشرق، وكان يليق “إكسبو دبي” لبيروت، نعم لبيروت لان الشعب اللبناني شعب رائد في كل دول العالم، شعب متى نال الاستقرار السياسي والنفسي ابدع، بات اللبناني ناجحا في كل العالم الا في بلده، في لبنان شعب اعزل تحكمه طبقة متوحشة لا تتردد بتطويعه بميليشيا دينية مصنفة في كل العالم انها منظمة ارهابية.
نعم يحكمنا في بيروت الغراب الاسود، ملك الموت، نعم نحن تحت حكم منظمة ارهابية.