اعتصم اهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت امام قصر العدل للمطالبة بوقف التدخلات السياسية في القضاء والآيلة إلى عرقلة التحقيقات ومنع القاضي طارق البيطار من الاستماع الى إفادات المتهمين.
الاعتصام أتى بعد تأكيد القاضي البيطار انه تلقى تهديدات من ميليشيا حزب الله، والرسالة نقلها مسؤول الارتباط والتواصل وفيق صفا، وفعلا وصف صفا بدقة وعناية الآلية التي يتواصل فيها حزب الله مع الآخرين، وابلغ الجميع ان بريده قادر على الوصول حتى الى المراجع القضائية بعد ان وصلت رسائله في السابق الى الصالونات السياسية والامنية ومؤخرا الاقتصادية.
بطبيعة الحال الحشود المشاركة في الاعتصام كانت من كل المناطق والمذاهب، وبطبيعة الحال انقسمت هي ايضًا بين من اتهم حزب الله بالمباشر من خلال الصرخات التي اطلقت “ارهابي ارهابي حزب الله ارهابي” وبين اهالي الضحايا الممانعين الذين رفضوا الشعارات واعتبروها تدخلا حزبيا في ملف انفجار المرفأ.
قد يحاول هؤلاء التعمية على الحقيقة ومشاهدة نصفها، لكن في الاثباتات لم يدخل النيترات الى لبنان لمصلحة جمعية الرفق بالحيوان، ولا لمصلحة جمعية المقاصد الخيرية، ولا لكاريتاس، النيترات ادخل خدمة لمصالح عسكرية وبطرق غير قانونية وباحتيال واضح على القانون وبتغطية من بعض الاجهزة الامنية اللبنانية. ابحثوا اذًا عن المجرم، فقد يكون “حسن نيترات النبعاوي” القاطن في ضواحي بيروت.
انقسام اهالي الضحايا انقسام طبيعي، ولو كان غير منطقي، فإذا كان اهالي الضحايا الممانعون يرفضون فكرة ان حزب الارهاب خلف التفجير، فهذا امر يعنيهم وحدهم، اما الاهالي غير الممانعين او غير المسيّسين فيريدون الحقيقة ويريدون القصاص سواء فُجّر ابناؤهم بسبب حسن نصرالله او بابا روما او ابو بكر البغدادي، من تعب وجد وكد لبناء عائلة وتربية اولاده من حقه معرفة الحقيقة، ومن حقه القاء التهم ولو كانت جزافا لأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
وحسن نصرالله اليوم متهم، بالقرائن والأدلة، ورواية ان النيترات دخل لبنان خدمة لسوريا كذبة لا تمر تحت قوس قزح، حتى ولو ان النيترات دخل لمساعدة الثورة السورية من المستحيل نقل الكميات الى سوريا ان عبر المعابر الشرعية التي تسيطر عليها الدولة وان عبر المعابر غير الشرعية التي يسيطر عليها الحزب.
ومجرد الاستمرار بتلاوة الرواية ادانة للاجهزة الامنية اللبنانية التي يتفاخر حزب الله ونحن بأنها اجهزة لبنانية تقاوم الارهاب. الرواية الاسهل ان حزب الارهاب ادخل النيترات الى لبنان وسهّل إخراجه بفضل بعض الضباط الموالين له في المرفأ، ومن ثم نقلها الى سوريا عبر المعابر غير الشرعية كما استعمل جزءًا منها في عملية حفر الأنفاق مع إسرائيل والتي من خلالها يدّعون انهم سيحتلون الجليل.
ولكل من يشكك بالرواية، تذكّروا يوم اطل حزب الله على اللبنانيين طالبا من الدولة انهاء ملف الضحايا ودفع التعويضات الى ذويهم. يظن الارهابي الاكبر ان الاموال تطوي الملفات، وربما يؤمن بأن لكل انسان ثمن، وربما هو على يقين ان الازمة الاقتصادية تسهّل عمليات البيع والشراء، لكن لا قدرة لديه لإستيعاب ان ليس كل شيء محللًا للبيع والشراء، خصوصا دماء ضحايا ابرياء سقطوا بفضل مغامرة جديدة من مغامراته.
دماء اهالينا ليست للبيع ولو استلزم الامر تفجير الشمس وحرف الكرة الارضية عن مسارها، وتحميل المسؤولية الى صغار الاداريين ليس حلا، لان الحل بنظرنا بتحديد هوية من استورد النيترات ومن أعاد تصديرها الى اوروبا ومع كشف الكميات المتبقية في لبنان كما حدث الاسبوع المنصرم في احدى البلدات البقاعية التي توالي حزب الارهاب.