الجميع في لبنان ينتظر الانفجار الامني او اقله الاجتماعي، لبنان كسيارة بلا فرامل تهبط من اعلى الجبل، الاصطدام واقع لا محال، لا امكانية لعدم سقوط ضحايا، كان الله في عوننا.
جوع، فقر، فتنة متنقلة، ازدياد ملحوظ في عدد جرائم القتل والسرقة، كلها مؤشرات تدل الى تحلل الامن الاجتماعي وانزلاق لبنان الى الفوضى الصامتة، فوضى لا تحركها الاحزاب او مجموعات الثورة او الاجهزة الامنية، انها فوضى تتحرك بالوقود الصلب داخل كل متمرد على الامر الواقع، تماما كما تحلق الصواريخ الباليستية.
ما حدث في بيروت قبل ايام يمكن اعتباره بروفا، خصوصا ان التحركات حصلت في مناطق سنية كانت توالي سعد الحريري خلال العقود الماضية، مصادر مطلعة اكدت ان بهاء الحريري هو من اشرف بشكل او بآخر على البروفا، لسببين رئيسيين:
الاول: اختبار حجم حضوره داخل الطائفة ومدى تجاوب الشارع السني مع المساعدات التي يقدمها بعد غياب تيار المستقبل كليا عن المساعدات الاجتماعية.
ثانيا: ايصال رسالة شعبية الى شقيقه سعد بأنه دخل الى الطائفة السنية كشريك مضارب مع فائض مالي ضخم قد لا يستطيع سعد الحريري وتياره توفيره لاحياء ذكرى استشهاد رفيق الحريري بعد اسابيع.

على ما يبدو بروفا الحريري تمت بمباركة بعض الاجهزة الامنية التي ارادت بدورها ربما اختبار حجم بهاء الحريري حصرا، فسارعت الى فتح طريق الضبية بعد دقائق على اغلاقها وسجل انتشار للجيش في المناطق التي اعتاد الثوار على اقفالها في المناطق المسيحية والدرزية والشيعية.

اللافت في التحرك نوعية الحضور في الطريق الجديدة حيث سجل تواجد فعّاليّات وأسماء بيروتية كانت في ما مضى توالي سعد الحريري وتهتف له، شخصيات لها تاريخها البيروتي النضالي بوجه الاحتلال الاسرائيلي ومنهم من كان مسؤولا بارزا في “المرابطون” وكان لديه علاقات مع حزب الله قبل اجتياحهم لبيروت في احداث 7 ايار.

كما سجل حضور رئيس جمعية بيروت للتنمية أحمد هاشمية، الذي اقفل مكتبه في فردان بعد توقف مساعدات بيت الوسط، غير انه اكد لمقربين منه ان افتتاح المكتب والعودة الى النشاطات الاجتماعية سيتم خلال اسابيع.
رسالة بهاء الى شقيقه سعد وصلت وربما بالبريد المضمون، ورسالة سعد الى الدول الاقليمية الراعية للزعامات السنية في لبنان ايضا وصلت، ورسالة بهاء الى جمهور رفيق الحريري الحائر الثائر الخائف على مصيره المتمسك بالسيادة ايضا وصلت، ورسالة بهاء الى احباء رفيق الحريري الذي تشوب علاقتهم من سعد الف شائبة ايضا وصلت، وتدفق الرسائل وسط تسريب سعد نيته عدم خوض تيار المستقبل الانتخابات النيابية المقبلة، قد يعتبر نوعاً من انقلاب ابيض داخل عائلة الحريري، فهل نحن امام ولادة زعامة سنية لا تؤمن بالحلول الوسط ومتمسكة بالسيادة الى آخر رمق؟