لا حسابات تتقدّم على الانتخابات. وقد لا يفوز حزب الله بالأكثرية كما حصل في انتخابات العام 2018، لكنه سيحجبها عن خصومه الساعين إليها.
حزب الانتخابات المحوري
وفي المعطيات المتوفرة تُوِّجت الاجتماعات بين حزب الله والتيار العوني بإعلان إصرارهما على التحالف في الدوائر الانتخابية كلها. بل أكثر من ذلك، يسعى حزب الله إلى جمع حلفائه المختلفين، وخصوصاً التيار العوني وحركة أمل وتيار المردة، إضافة إلى حلفاء آخرين.
فحزب الله لا يريد تكرار ما وقع فيه من أخطاء في انتخابات العام 2018، فأسهمت في خسارته بعض المقاعد، كالمقعد الشيعي في جبيل. وها ماكينة الانتخابية تسعى إلى الجمع بين الحلفاء المختلفين، وترتيب التحالفات وتشكيل اللوائح بما يضمن تحقيق أكبر قدر من المقاعد.
أمل وجنبلاط والعوني
ويحاول حزب الله الضغط لإقناع الرئيس نبيه بري بالتحالف مع التيار العوني في بعبدا مثلاً. فالتيار بحاجة ماسة إلى التحالف مع الثنائي الشيعي، لضمان حضوره والحفاظ على وجوده النيابي، وإن كان ذلك يسهم في إضعاف الموقف العوني، بعد حملاته الشرسة على حركة أمل وبرّي شخصياً.
وهذا ينسحب على دائرتي بيروت الأولى والثانية. ولا بد من انتظار موقف برّي في شأن المرشح الدرزي، خصوصاً أن لدى رئيس المجلس حسابات ترتبط بعلاقته التاريخية بوليد جنبلاط. أما في البقاع الغربي فتحتاج التحالفات إلى حسابات دقيقة أيضاً، انطلاقاً من القاعدة التي تربط برّي بجنبلاط، وموقع إيلي الفرزلي. وفي الخلاصة تبدو طريقة صوغ اللوائح والتحالفات في هذه الدائرة في حاجة للكثير من العناية.
جمع فرنجية وباسيل
وفي حال لم ينجح حزب الله في ترتيب التحالفات بين حلفائه المختلفين أو المتصارعين، سيعمل على دعم كل حليف في الدائرة التي يكون فيها بحاجة إلى دعم. وهو في سعيه إلى توفير التحالف بين الرئيس ميشال عون وسليمان فرنجية في دائرة الشمال الثالثة، أي الشمال المسيحي، يريد للائحة أن تجمع كل الحلفاء، طالما أن هذه الدائرة مركزية عند المسيحيين، وفيها يتشرح جبران باسيل.
واقتراح حزب الله التحالف بين التيار العوني وتيار المردة، كان يبدو مستحيلاً لسليمان فرنجية. لكنه قد يلين مشترطاً أن يكون باسيل وحده على هذه اللائحة، لتأمين فوزه في البترون، على أن يعزز فرنجية وضعه النيابي، إضافة إلى ضمان فوز القوميين بمقعد.
ودائرة صيدا- جزين لا تزال مدار خلاف كبير في الحسابات بين التيار العوني والرئيس نبيه بري. وهي تحتاج بدورها إلى حسابات دقيقة، فيما يستبعد الطرفان التحالف. ويتفشى الضياع في التيار العوني حول المرشح الماروني الذي يعتمده لمنحه الأصوات التفضيلية.
درزياً وفي عكار
درزياً أيضاً، يحاول حزب الله تجميع قواه المختلفة، لدعم خصوم وليد جنبلاط، من الشوف وعاليه إلى البقاع الغربي وبيروت ضمناً. ويستغل الحزب عينه انسحاب تيار المستقبل من المعركة، واحتمال انخفاض نسبة التصويت لدى السنّة.
أما سنياً فيسعى حزب الله إلى تحقيق اختراقات متعددة في دوائر مختلفة، من بيروت، إلى طرابلس، والمنية-الضنية وفي عكار، من خلال توفير الدعم لوجوه من الذين لا يختلفون معه وتربطهم علاقات تاريخية بالنظام السوري.
مجلس منقسم عموديًا
وتبدو استراتيجية حزب الله الانتخابية واضحة، فيما لا يتوافر هذا الوضع لخصومه، باستثناء حزب القوات اللبنانية الذي لا يزال يبحث عن حلفاء في دوائر مختلفة، من السنّة ومن المسيحيين أيضاً، بعدما حسم التحالف بين القوات والحزب التقدمي الاشتراكي في الدوائر المشتركة.
وفي حال حصلت الانتخابات، يكون مجلس النواب المقبل منقسماً عمودياً بين حزب الله وأتباعه، والقوات اللبنانية وحلفائها. وعليه لن يكون هذا المجلس قادراً على القيام بأي مهمة جديدة، لا تسمية رئيس للحكومة ولا تشكيلها، ولا حتى إجراء انتخابات نيابية. ما يعني دخول البلاد في حقبة جديدة من حقبات التعطيل الطويل، في انتظار الوصول إلى مؤتمر دولي يرعى حلاً سياسياً ودستورياً.
منير الربيع لموقع المدن