فعلا كنت على ثقة ان الله لم يمسخ احدا اكثر من القرد، حتى حضر جبران باسيل في حياتي او ربما في حياة اغلب اللبنانيين، والاسوأ ان ما تبقى من محبيه وبكل وقاحة او جهل يسألون لماذا هذا الكره لباسيل، وينصبون متاريس الدفاع عنه ويشنون الهجمات المضادة على اخصامه انطلاقا من مبدأ “من ساواك بنفسه ما ظلمك” ولكنهم يتناسون ان في هده الحالة لا مساواة بل انسان مسخه الله وانسان خلقه الله على صورته ومثاله.

المقيمون لا يريدونه، المغتربون الذين أعطاهم صفة “الانتشار” صوّتوا ضده واعتصموا ضد عهده في مختلف عواصم العالم. المسؤولون العرب لا يستقبلونه. المسؤولون الغربيون يتحاشونه، وسيف العقوبات الأميركية مسلط فوق رقبته.

إعلام الغرب يفضحه، ثمة رغبة عابرة لكل شيء للإطاحة به. اسقط على اللبنانيين صهراً يدور حوله كل شيء. من أتفه تفاصيل التعيينات إلى أكبر قضايا تشكيل الحكومات والموازنات والمشاريع.

معرقل أو مسهّل لا يهمّ، هو موجود، يبني ويراكم تجاربه بغض النظر عن سلبيّاتها. يعزّز حضوره، ويلعب في السياسة. يسرق الأدوار ويحصد الخيبات بلا كلل..

عند الضغط والحرارة يعدّل موقعه، يتحرّك بحكمة كالافاعي، يتخّذ اشكالاً مناسباً وينساق مع الموجة. يتربّع عليها. مع حزب الله، هو مقاوم. ومع الغرب، يعترف بحق إسرائيل بالوجود والأمان. تفاهم مار مخايل يحمي لبنان، لكن يعيد التمحيص به. في الدستور ينتقد الصلاحيات ويتذرّع بها، لكن لا مانع لديه في تبوء الرئاسة. مع النظام السوري مطبّع أول، لكن حين يشاء يسحب ورقة 13 تشرين 1990. تيار المستقبل شريك في التسويات، وله الإبراء المستحيل أيضاً. القوات اللبنانية أخّ، لكن ميليشيا وعميلة للخارج. الرئيس نبيه برّي “بلطجي”، لكن “من المهم أن نتشارك وإياه في خوض معركة مكافحة الفساد”. انتفاضة 17 تشرين تحمل شعارات التيار الوطني الحرّ ومطالبه، لكن يقودها زعران وقطّاع طرق. يحمل لواء الدفاع عن حقوق المسيحيين، لكن مع مشروع الدولة المدنية. يريد الإصلاح، وفي وزارات تبوأها 40 مليار دولار ذهبت هباءً.

بغض الأجيال

لماذا كل هذا البغض لجبران باسيل؟ لأنه في غضون 15 عاماً فعل كل شيء، ولم يفعل شيئاً أيضاً. عارض، هادن، شارك في الصفقات، دخل السلطة ولم يخرج منها، افتعل الأزمات.

لماذا البغض؟ لأنّ ماكيناته لا تعبأ بكل المشاعر السلبية ولا تسأل عنها. وتوظّفها لتظهيره الضحية. لم يدفع جبران باسيل الثمن بعد وهو المكروه الأول. لبنانيون وعرب وأجانب، مسيحيون ومسلمون وعلمانيون ولادينيون، يرون فيه مادة للسياسة اللزجة. فإما هو يستحق الكره، أو أنهم هم الحسودون. إما هو الخطأ، أو أنهم الخطأ. ولا مواقف وسطية في ذلك.