كم نعاني نحن الذين عشنا زمن الكبار الكبار من اهل السياسة عندما تأخذنا الذكرى اليهم ونعود لنقارن بين ما كنا عليه ومن كنا معه وبين ما نحن عليه وفيه من بؤس وانحدار .

انا لم اعرف العميد ريمون اده شخصيا، لكن عشت زمنه وعشت مواقفه الجريئة وعشت تطلعاته البعيدة واستشرافه للمستقبل وعشت وطنيته وعزيمته التي لا تلين في مواجهة الخطأ والانحراف والفساد والدعوة للحرية والدفاع عنها .

كان يكفي ان تقول او تسمع باسم ريمون اده حتى يتبادر الى ذهنك طيف رجل صادق، عنيد في الحق، رجل دولة من الطراز الرفيع ورجل قانون ونزاهة بامتياز.

قُدِّر لي في موقعي السياسي الذي كنت اشغله، ان أساهم بجزء من تنظيم المشاركة في مأتم العميد في بيروت بعد وصول الجثمان من فرنسا .

كان الحزن، حزن لبنان شارك في المأتم كل الشعب اللبناني مُمَثّلاً بالمشاعر او بالحضور لمن استطاع لذلك سبيلاً .اروي هذا الكلام لمن حمل ارث ريمون اده السياسي وحمل اسم الكتلة الوطنية .

الحمل ايها السادة ثقيل وعلى من ينهض به ان يدرك تمام الادراك ان عليه ان يتحلى بجزء من صفات هذه القامة الكبيرة ولن اتحدث عما قبل العميد ريمون اده لانني لست من معاصري تلك المرحلة .

انتقل من هنا لأسأل:

هل سياسة الكتلة الوطنية اليوم تتحلى بالوضوح الذي كان في شخصية العميد ؟

هل تراعي الكتلة اليوم مبدئية العميد في مقاربة الكثير من الامور التي يجري النقاش حولها في الشارع ؟

هل اختيار مرشحي الكتلة للانتخابات النيابية تم بناء على مبادئ ثابتة ام استند الى معايير بعيدة او مناقضة في بعض الحالات لابسط قواعد المبادئ والاسس التي شكلت عناوين مشرفة في تاريخ الكتلة السياسي .

ولتحديد ادق !

هل اصرار الكتلة على ترشيح السيد ميشال الحلو في قضاء بعبدا على لائحة “بعبدا التغيير” يأتي ضمن قواعد مبدئية ؟

اذا كان الجواب نعم فما هي هذه القواعد؟

أهو عنصر الوراثة السياسية ام عنصر المال؟

هل محاولات ميشال الحلو في كل مكان للتأثير على الكتلة الناخبة بالمال من معايير ريمون اده الذي إشتهر بنزاهته واستقامته وكبريائه الاخلاقي ؟

هل دخول السيد حلو الى الكتلة كان نتيجة نضاله السياسي العقائدي الفكري المبدئي او انه كان يبحث عن مكان شاغر في “بوسطة اي بوسطة” للترشح الى الانتخابات ؟

السيد ميشال الحلو كان في سويسرا معظم ايام حياته الفتية فما عساه يعرف عن لبنان ومشاكله وخصوصيات البيئة السياسية فيه وكيف بامكانه ان يكون نائباً يتمتع بالحكمة والحنكة من دون خبرة في حال اسعفه الحظ والمال للوصول؟

سيد ميشال حلو حضرتك قَدِمت الى لبنان من ساحة النضال السويسرية في العام ٢٠١٥ حيث كانت ارهاصات الاعتراض على السلطة الفاسدة قد بدأت ثم تعززت وانفجرت في ١٧ تشرين ٢٠١٩، فلماذا لم نشعر “بثوريتك” الا قبل الانتخابات ببضعة اشهر ؟

هل هذا السلوك الصحيح للتغيير او الثورة او الانتفاض في نظر الكتلة الوطنية، او ما تبقى منها، وفي نظرك ايضاً؟

سيد ميشال الحلو، انت في خطاب اعلان اللائحة “بعبدا التغيير” حدثتنا كثيراً عن خطوط التماس، هل تعرف شيئاً عن مآسي تلك المرحلة وجروحها واوجاعها الا ما قرأته او شاهدته من مكان جميل، لكن بعيد؟

سيد ميشال الحلو خطوط تماس اليوم هي غير خطوط الامس التي ذهبت ولن تعود، لان الشعب اللبناني قد اصبح في مكان آخر بعد انتفاضة ١٧ تشرين التي خلطت الطوائف في خلطة وطنية ضد السلطة وضد هذه العصابة والاهم ضد الدويلة المحمية بالسلاح الخارج عن سلطة الدولة.  خطوط تماس اليوم هي خطوط سياسية مع حزب الواحد الاحد الذي لم يتجرأ احد من اعضاء اللائحة على ذكره بالاسم وقد اتى الحديث عنه بشكل مبهم وملتبس .

سيد ميشال الحلو ويا سادة الكتلة الوطنية انا لا اقصد اي تجريح شخصي ولا اهدف للاساءة لاحد ، انا اتحدث في السياسة وعن المبادئ والمعايير التي وعدنا الناس بها في ساحات وشوارع ١٧ تشرين والتي لم يُحتَرم اي شيء منها في الاختيار الذي وقع عليك وايضاً على آخرين. انا مواطن لبناني صادق في التزامي بالتغيير الحقيقي وليس التجميلي ولن أُجامل احداً او اتملق لاحد .

ان ما بعث في نفسي الاحباط والقرف، هذه الطرق الملتوية في تشكيل اللوائح والاختيار الكيفي المصلحي للاسماء التي لا تمت للمنطق باي صلة والتي لا تختلف كثيراً عن مقاربة اهل السلطة لهذه المسألة خصوصاً لجهة اعطاء الاولوية لعنصر المال.

تطاحنكم ولهاثكم وراء الكراسي قد اجهض كل محاولات التوحيد والتوافق وعليكم تحمل المسؤولية وعلى الناس ان تقرر خياراتها بالمحاسبة على هذا الاساس .

سيد ميشال، السادة في الكتلة الوطنية ما تقومون به لا يمت للعميد ريمون اده بصلة وما هو الا تحريف وتشويه لهذا التاريخ العريق،

ارحموا ريمون اده .

سنقترع حتماً وسنحث الناس على الاقتراع ضد هذه العصابة الحاكمة المتحكمة حكما وسنقاتل من اجل التغيير بالتأكيد ولكن ليس لهذا النوع من التغيير الذي تتم الدعوة له والتبشير به على قواعد عنوانها الحسب والنسب والمال السياسي، لان ليس هذا التغيير الذي نزل مئات الآلاف من اجله للشارع وقُتِلوا وعُذِّبوا وسُجِنوا وفقدوا اعينهم وشُوِّهت وجوههم .

شبلي المصري