ملف الترسيم شغل اللبنانيين الشاغل، لا شركات تنقيب عالمية ولا امكانية للدولة اللبنانية للتنقيب بمفردها، كل مسألة الغاز اللبناني مرتبطة بعودة لبنان الى الحضن الدولي والعربي.

مشكلة الخطوط 29 و23 وغيرها مشكلة تخفي خلفها مشكلة اساسية مرتبطة بمسار الانبوب الذي ينقل الغاز الاسرائيلي والمصري الى اوروبا.

بحسب القانون الدولي اذا مر الانبوب في الاراضي اللبنانية يستفيد لبنان من جزء من عائدات الغاز الذي ينقله، وبالتالي كل ما تسعى اليه اسرائيل هو عدم اشراك لبنان في عائداتها، لذلك يسعى الجانبان الاسرائيلي والاميركي تارة الى دفع الخطوط شمالاً وطوراً الى اختلاق خطوط متعرجة قد تكون سابقة  في تاريخ الترسيم البحري كي تحرم لبنان تلك الملايين وربما مليارات الدولارات.

من جهته رفع نصرالله السقف الى ما بعد بعد كاريش متناسيا الواقع اللبناني، فحتى لو فتحت اسرائيل حدودها وامتنعت عن الدفاع عنها، لا امكانية لحزب الله لعبور تلك الحدود سوى بلاصواريخ والمسيرات، فصفيحة البنزين تخطت الحد الادنى للاجور، وفيما لو قررت اسرائيل الدفاع عن حدودها لا يمكننا مواجهتها بأمعاء خاوية، كلام نصرالله للاستهلاك المحلي ولا تتخطى مفاعيله بيئته الحاضنة.

كل الحراك الدولي في موضوع الحدود البحرية هدفه تأمين وصول الغاز الى اوروبا قبل موسم الشتاء والبرد القارس خصوصا ان الاوروبيين يعتمدون على الغاز للتدفئة، والغاز الروسي اليوم من المستحيل الاستفادة منه خصوصا على وقوع طبول الحرب في اوكرانيا.

بالعودة الى الانبوب المصري الاسرائيلي، هندسة الانبوب تفرض مروره في البلوكين 8 و9 اللبنانيين وكل المساعي لدفع الحدود شمالا، او ترسيم حدود متعرجة كي لا يجني لبنان اموالا من ثروة يملكها جيرانه. احد الخبراء النفطيين اكد ان لا امكانية لتعديل مسار الانبوب لان ذلك سيؤدي الى اضعاف ضغط الضخ خصوصا مع طول المسافة من مصر الى اوروبا.

في اطلالته الاخيرة اشار نصرالله الى ان في ايلول “تخبزو بالفرح” في اشارة ان شهر ايلول هو تاريخ تدفق الغاز الى اوروبا، ومتى تدفق الغاز لا امكانية لايقافه لان اوروبا كلها ستدافع عن مادة اساسية في فصل الشتاء، لبنانيا من الان وحتى ايلول، ستستمر طوابير الخبز “الذي يخبز بالكره” اليوم، وستستمر النكايات السياسية وسيزداد الشعب اللبناني فقرا وعوزا لان للطبقة الحاكمة اولويات وحسابات تبدأ وتنتهي بإستمراريتها في التحكم في مفاصل البلد حصرا.