فيما تفشّي وباء الكوليرا الذي وصل الى لبنان في الساعات الماضية لا يزال محصورا وتحت السيطرة، على امل ان يبقى كذلك، فإن انتشار وباء التعطيل والكيديات وتغليب الحسابات الشخصية والاقليمية على المصلحة الوطنية العليا، لا ضوابط له، وهو يهدد مستقبل الوطن وكيانه والنظام، خاصة وأن لا مؤشرات الى ان اهل المنظومة سـ”يبرأون” منه قريبا، بل هم يواصلون مناكفاتهم تاركين البلاد المنهارة، من دون حكومة، وقريبا من دون رئيس للجمهورية.

ازاء هذا الواقع الذي يضع الاستقرارَ المحلي المهتز اصلا، اجتماعيا واقتصاديا و”مصرفيا”، امام أخطار اكبر، تحرّكت الجامعة العربية نحو بيروت مؤكدة عبر مساعد امينها العام حسام زكي “ان لبنان لا يتحمل حالة الاعتياد على الازمة او القبول بالفراغ الرئاسي في ضوء الأزمة الاقتصادية الشديدة التي يمر بها”، وناشد “القيادات السياسية تقديم المصلحة الوطنية والجلوس سويا وفتح قنوات التشاور من أجل التوافق على هذا الاستحقاق الدستوري الهام”.

القلق عينه تحمله السعودية، حيث تواصل مساعيَها لتسهيل الاستحقاقات ولإنجازها في شكل يساعد على انقاذ لبنان من ازماته، وقد بدأت هذا المسعى من خلال استضافة سفيرها وليد البخاري النواب السنة في اليرزة. وفي اطار جهودها لرص الصف السني وتوحيد كلمته، جال البخاري في طرابلس وزار نوابها وفاعلياتها، حيث اكد حرص “المملكة على امن واستقرار لبنان، والمحبة العميقة الى اهلنا في طرابلس والشمال”، مضيفا “في هذه المرحلة لبنان مقبل على استحقاق رئاسي ونؤكد على اهمية احترام المهل الدستورية، وحرصنا على استقرار لبنان يحتم علينا ان نحمل هذه المسؤولية المشتركة باتجاه لبنان”.

ودائما على خط الاحاطة الخارجية بلبنان، فإن باريس شريكة الرياض في البيان الثلاثي الاميركي – السعودي – الفرنسي، ستنقل الى بيروت الرسالة نفسها، المستعجِلة الحكومة والانتخابات الرئاسية تعزيزا للاستقرار اللبناني، عبر وزيرة خارجيتها كاترين كولونا التي تصل الى لبنان الجمعة المقبل في زيارة رسمية.

وتأتي هذه الدينامية الخارجية، عشية جلسة انتخاب رئيس للجمهورية دعا اليها الرئيس نبيه بري الخميس المقبل. ففي حال عقدت – بما ان نصابها يبدو مهددا في ظل توجه نواب لبنان القوي نحو مقاطعتها فإن مصيرها لن يكون افضل من سابقتها. فيما الاتصالات على الضفة المعارضة مستمرة لتوحيد الموقف.

في وقت تحث واشنطن والعواصم الاوروبية الجانبين اللبناني والاسرائيلي على ضبط النفس وتفادي اي دعسات ناقصة، أكدت وزارة الخارجية الفرنسية أن فرنسا تساهم بنشاط في الوساطة الأميركية الهادفة للتوصل إلى اتفاق بشأن الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل.