تستعد البلاد لدخول مرحلة جديدة تخلو فيه سدة الرئاسة من شاغلها، وتحيط الاجتهادات الدستورية بالسرايا حول حجم الصلاحيات التي يمكن ان تمارسها الحكومة التي ستؤول اليها بعض من صلاحيات رئيس الجمهورية وسيتحول مجلس النواب الى مسرح لمجموعة من محاولات التوافق حول هوية الشخص بما يضمن اعادة انتظام الحياة السياسية.

توقفت مراجع سياسية عند مجموعة من السيناريوهات على علاتها وبوجوهها السلبية رغم ضعف احجية البعض منهم الذي يحاولون تسويق بعض الخطوات وتلبيسها الأوصاف الدستورية المفقودة والتي لا يمكن امرارها سوى بقوة “الأمر الواقع” وابتداع أعراف وسوابق عرفتها البلاد في محطات كان يعتقد البعض انها لن تتكرر مرة أخرى.

حذرت المراجع السياسية من مغبة التمادي في الرهانات لارضاء بعض النفوس، واخطرها الشلل في السلطات والمؤسسات الدستورية في ظل الأزمات المالية والاقتصادية التي وضعت البلاد على شفير إعلانها دولة مفلسة.

ولا تخفي المراجع المراقبة مخاوفها ان تفتقد الآليات الدستورية لاعادة انتظام الحياة الدستورية في البلاد. ماذا بعد مرسوم رئيس الجمهورية بقبول استقالة الحكومة يمكن الإشارة الى البعض منها  وهي:

-عدم اعتراف السلطتين التشريعية والتنفيذية بمضمون المرسوم، ما يؤدي الى استمرار المجلس النيابي بمهامه لانتخاب الرئيس، واستمرار رئيس الحكومة في موقعه يدير الأعمال ويرأس اللجان الوزارية.

– ان يخضع بعض الوزراء لمضمون المرسوم ومقاطعة مجلس الوزراء ان وجه رئيسها الدعوة إلى اي اجتماع ما يفتح الجدل على أسئلة لا اجوبة على العديد منها.

يمكن الاسترسال بسيناريوهات لم يشر اليها القانون ولا الدستور وتعجز المراجع المعنية من تفسيرها باعتبارها غير ملحوظة في اي زاوية منهما. فالجميع يدرك ان الدستور لا يقر بما يسمى شغورا في اي من المواقع الدستورية وكما يحل نائب رئيس مجلس النواب مكان رئيسه عند غيابه، والحكومة هي من تنتقل اليها صلاحيات الرئيس ان خلت سدة الرئاسة من شاغلها وهو أمر ينسحب على مختلف المؤسسات الحكومية في جميع القطاعات.

من المنطق الخوف على مستقبل البلاد والكيان. ويضاف إلى مجموعة هذه الأسئلة آخر إضافي وقد يكون الأكثر حساسية وخطورة، كيف ستتصرف المراجع المالية والنقدية والقضائية. ولمن ستكون الامرة في إدارة المؤسسات العسكرية والأمنية؟ وهل بقدرة اي “سوبرمان” سياسي او حزبي، دستوري او قانوني ان يقدم توصيفا للمشهد الذي ستكون عليه البلاد؟!

طوني جبران