هناك من يعتبر انّ حزب الله متمسِّك بانتخاب سليمان فرنجية رئيساً، ولكن هناك من يعتبر بالمقابل انّ الحزب لن يقاتل تحقيقاً لهذا الهدف، كون مصلحته بانتخاب رئيس غير محسوب عليه. لماذا؟

يميّز حزب الله بين مواقفه المعلنة عن مواصفات الرئيس المقبل الذي عليه ان يقرّ ويعترف بدور المقاومة، ورفعه ثلاثية جيش وشعب ومقاومة، وان يكون دوره حماية ظهر المقاومة، وبين المواقف المنقولة عنه في الصحف، وتحديداً بعد لقاء نصرالله مع باسيل، والتي تظهِّر موقفه الداعم لفرنجية.

ولكن عدم الالتزام المعلن بتبنّي ترشيح فرنجية يعني انّ الحزب لم يحسم موقفه بعد ويُبقي الخيارات مفتوحة، أكان تجنّباً لتحميله مسؤولية استمرار الانهيار، بعدما تمّ تحميله مسؤولية ما أصاب البلد بسبب دعمه المفتوح للعهد السابق، أو حرصاً على العلاقة مع الرئيس ميشال عون والنائب جبران باسيل.

الحزب يتقصّد الالتباس في مواقفه المعلنة بين كلامه حيناً عن مواصفات رئيس تحدٍ، وبين كلامه أحياناً عن رئيس توافقي، وكان لافتاً ما قاله الشيخ نعيم قاسم بأنّه “لا يمكن تحريك الوضع الاقتصادي والاجتماعي وخطة التعافي، لأنَّ الطريق الإلزامي لبداية الإصلاحات وبداية العمل لإنقاذ لبنان هو انتخاب الرئيس، وإذا كانت المقاومة نقطة خلافية أحيلوها إلى الحوار ولنأتِ برئيس لديه قدرة على العمل الإنقاذي باشتراك كل اللبنانيين حول الموضوع الاقتصادي”.

ثمة من يقول بأنّ ردة فعل باسيل على دعوة نصرالله لتبنّي فرنجية سببها اعتقاده انّ الحزب لا يمكن ان يفاضله بأحد، إن بسبب حيثيته التمثيلية الشعبية والنيابية، أو كونه الوحيد القادر على مواجهة القوات اللبناني، أو بفعل الخسائر التي تكبدّها نتيجة تحالفه مع الحزب بدءًا من العقوبات الأميركية، وصولاً إلى انحسار شعبيته، وكان من الأولى على الحزب ان يحفظ الجميل ويردُّه، وليس ان يطلب منه تبنّي ترشيح فرنجية بحجة انّ ظروف انتخاب باسيل غير متوافرة.

لا مصلحة لحزب الله بانتخاب رئيس من صفوفه، كونه يخشى من دفع الأوضاع نحو الارتطام الكبير وخسارته للورقة اللبنانية وتراجع وضعيته إلى داخل المربّع الشيعي.

ظروف انتخاب الرئيس العتيد لم تنضج بعد بسبب غياب أولاً جهوزية حزب الله للخروج من ترشيحي باسيل وفرنجية، واصطدامه ثانياً بتشدُّد المعارضة في المواصفات الرئاسية، وبالتالي رغم إدراكه انّ الشغور الطويل او انتخاب رئيس من صفوفه يقود إلى انفجار الوضع، إلّا انّه ما زال بحاجة إلى الصدمة التي تمكِّنه من تجاوز عقبته الرئيسية داخل صفوفه.

شارل جبور