كل التحذيرات الداخلية والخارجية من قرب تفكك الدولة اللبنانية وانهيار نظامها لم ولن تحرّك ساكناً في ضمير المنظومة الحاكمة… لا بـ”شهادة شاهد من أهلها” اللواء عباس ابراهيم الذي نبّه أمام الرابطة المارونية إلى أنّ “الخطر الداهم يتهدد لبنان والمجد الموروث أوشك أن يتهدّم”، ولا بشهادة “هيومن رايتس واتش” التي رصدت عجز “غالبية الناس في لبنان عن تأمين حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية”.
رغم تفاقم الأهوال وتردي الأحوال لا تزال مصالح أهل السلطة تتحكم بمسار البلد ومصير أبنائه وذهنية التعطيل والتنكيل بالدستور مستحكمة بالأداء الرسمي العام تحت وطأة تشبث قوى 8 آذار بمقاليد الحكم واستقتال أركانها لمنع انتخاب رئيس جديد للجمهورية من طينة إصلاحية سيادية يضع اللبنة الأولى في مشروع التأسيس لإنقاذ يضع حداً للانهيار ويعيد الانتظام للمؤسسات الدستورية. ولأنّ العنوان العريض للأزمة الرئاسية بات يتمحور حول “مستقبل جبران باسيل السياسي”، كشفت مصادر مواكبة لأجواء التشنّج الحاصل بين باسيل وحزب الله أنّ الرئيس السابق ميشال عون يتحضّر لعقد لقاء قريب مع حسن نصرالله للبحث في الأمور الخلافية المستجدة “وعلى رأسها الاستحقاق الرئاسي”.
بعد ارتفاع حدة التوتر بين الجانبين قرر عون الدخول بثقله على خط الإسناد والدعم في المعركة المصيرية التي يخوضها رئيس التيار الوطني الحر، مشيرةً إلى أنّه يعتزم خلال لقائه مع نصرالله إظهار تشدده في تأييد مطالب باسيل على قاعدة “أنا جبران باسيل” باعتباره يراه “المرشح الأوحد المستحقّ للرئاسة”، مع التشديد على ضرورة مؤازرة هذه المطالب “رداً للجميل” بعد كل الوقفات التي وقفها العهد معه.
أوساط قريبة من الثنائي الشيعي نقلت معلومات تفيد بأنّ الرسالة التي أراد باسيل إيصالها من خلال سلسلة إطلالاته التصعيدية الأخيرة ترمي إلى التلويح بأنّ “التمسك بترشيح سليمان فرنجية سيقابله بإعلان ترشيح نفسه بغية وضع حزب الله أمام مأزق الاختيار بينهما ما سيدفع الحزب تالياً إلى الذهاب حكماً نحو البحث عن خيار ثالث كما يطالب باسيل”، من دون أن تغفل الإشارة إلى كون “البعض يطرح فرضية أن يكون تصعيد باسيل الممنهج في المواجهة الرئاسية مع “حزب الله” على صلة بمحاولته ترتيب أوراقه الخارجية وقد يكون قطع شوطاً متقدماً في هذا الاتجاه خلال جولاته الأخيرة إلى الخارج، وبات الآن يتحيّن الفرصة لإظهار قدرته على التمايز عن “الحزب” من خلال التهديد بفكّ التفاهم المبرم بينهما”.
نداء الوطن