هل يبقى ما تبقى؟ أم أن ما كان يسمى لبنان بمرتكزاته سيتحول إلى أشلاء؟ الدافع لهذه الأسئلة جملة هواجس يطرحها المواطنون في كل لحظة عن مصيرهم المحتمل. وينطلق المواطن اللبناني مما هو محتّم وليس محتملاً فقط، في الإشارة إلى حال التداعي والانهيار الذي تعيشه ما كانت تسمّى مؤسسات دولة.

يحتكم لبنان إلى العبثية بكل أشكالها من اجتماعية ناتجة عن عبثيات سياسية ومالية واقتصادية ومصرفية. إنها بلاد “اللاحقيقة” أو “اللاوضوح”. بلاد قابلة لإنتاج إلتباسات متوالية من دون إجابات. هواجس أمنية ومخاوف من انفجار اجتماعي، معطوفة على مخاوف إقتصادية ومالية، وصراع سياسي يتخذ أبعاداً طائفية، وما بينهما توجس من غضب الطبيعة.

سياسياً المعركة مفتوحة واحتمال الفوضى يقابله التهديد بالحرب. فيما الأزمة مستمرة بكل ما تعنيه من مخاطر. ومناكفات الساسة وعرقلة عمل مجلس النواب، وإعاقة أي احتمال للوصول إلى تسوية رئاسية تعيد إنتاج السلطة. فيبتدئ الساسة في البحث عن حلول ملتوية تقفز فوق الدستور والقوانين، كالسعي لإيجاد مخرج “قانوني” لتمديد ولاية مدير عام الأمن العام، اللواء عباس ابراهيم.

مالياً، الصراع مفتوح على أشده، تتداخل فيه عوامل كثيرة داخلية وخارجية، وهو أكثر القطاعات عبثية وانهياراً. وعلى الأرجح الحفل سيستمر للوصول إلى زلزال يؤدي إلى هدم كل شيء، وإخفاء كل شيء أيضاً.

المؤسسة العسكرية
أخطر ما بلغته الأزمة هو التمدد باتجاه شمول الحملة المؤسسة العسكرية أو قائد الجيش. الحملات لن تقف عند هذه الحدود.

على هامش تلك الحملة، أسئلة سياسية كثيرة تطرح حول نتائجها وتداعياتها السياسية، فهل هي فعلاً ستؤدي إلى قطع طريق الرئاسة على قائد الجيش؟ بينما السؤال الأكثر تداولاً هنا يتعلق بالمكان الذي شنّت فيه الحملة، في وقت تسارع فيه “المصادر” إلى نفي أي علاقة لحزب الله بالأمر.

كل الانهيارات والأزمات، سياسية كانت أم مالية، تفرض وقائع اجتماعية خطرة. فبالنظر إلى تداعيات مقتل ثلاثة عناصر من الجيش اللبناني قبل أيام في اشتباكات حورتعلا، تعالت أصوات تنادي بضرورة الانعزال عن تلك المنطقة الخارجة عن سلطة الدولة، والإبتعاد عنها.

ذلك يعزز مبدأ العزل والإنعزال، وتكريس ما درج اللبنانيون على تسميته بالأمن الذاتي. هذا يعود بنا إلى أشهر مضت خرج فيها من يدعو أيضاً إلى جعل عكار منطقة عسكرية، وبمعنى آخر، عزلها عن محيط معين.. في مقابل من يدعو إلى الانفصال أو الانعزال أيضاً على مناطق سيطرة حزب الله. بالمحصلة، قد لا يحتاج لبنان زلزالاً ليتقوض، ببناه ومؤسساته ودولته واقتصاده وجيشه ومجتمعه.

منير الربيع