لا تخرج الحركة السياسية والديبلوماسية التي تشهدها الساحة اللبنانية عن السياق الذي أصبح معروفاً، بأن كل طرف يتمسك بموقفه. لكن شيئاً فشيئاً، يتبين أن الاجواء التي أشيعت في الأيام الماضية، ولا سيما من قبل حزب الله وحركة أمل بأن نتائج الاتفاق السعودي الإيراني قد تنعكس إيجاباً في لبنان لصالح سليمان فرنجية، ليست دقيقة.

هناك من يعتبر أن الإعلان عن مثل هذا الاستنتاج فيه نوع من محاولة فرض أمر واقع، وإشارة إلى أن الثنائي الشيعي يعمل بقوة وجدية على إيصال حليفه. أما الرهان على تغيير في الموقف السعودي، فهو أيضاً خاطئ، وهذا ما كان واضحاً في لقاء السفير السعودي وليد البخاري برئيس مجلس النواب نبيه برّي.
تكشف مصادر متابعة لمجريات اللقاء، على التعويل السعودي على أي دور يمكن لرئيس مجلس النواب أن يلعبه، للوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية يكون مرضياً لكل اللبنانيين، ويتقاطع مع رؤية المجتمع الدولي.

أما في المضمون، فقد كان لكل رجل رؤيته ومقاربته. استمر اللقاء أكثر من 45 دقيقة، في بحث معمق في كل تفاصيل الملف اللبناني. وتقول المصادر: “قدم السفير السعودي رؤية متكاملة لموقف المملكة من الاستحقاقات اللبنانية. وهي رؤية تستند على ما اتفق عليه في اجتماع باريس، وما قبلها من اجتماعات، بين الفرنسيين والسعوديين والأميركيين، وصولاً إلى التنسيق السعودي القطري والسعودي المصري”. وكرر البخاري أمام برّي أن المطلوب رئيس غير محسوب على أي طرف سياسي”.
كان السفير السعودي واضحاً في موقفه ويمكن اختصاره بأن المواصفات السعودية لا تنطبق على سليمان فرنجية، والمسألة لا تتعلق بشخصه بل بظرفه وموقعه وموقفه. كما أن البخاري كان واضحاً في ان المملكة لا تتدخل بالأسماء، وهي تحكم على النتائج، ولكن هناك مواصفات مقبولة ومواصفات أخرى غير مقبولة.

بعد سماع بري لهذا الموقف، كرر موقفه الذي يتمسك على أساسه بتبني خيار سليمان فرنجية. والواقع المسيحي حظي بنقاش موسع أيضاً، حيث كانت وجهة نظر البخاري بأن المسيحيين جزء أساسي من الدولة وبنيتها، وبالتالي لا يجب استفزازهم كي لا يتغرّبون أكثر عنها. وبالتالي، أي خيار قد يأتي ولا يوافقون عليه فهم سيجدون أنفسهم غرباء. ولذلك، أي تسوية أو اتفاق لا بد له أن يلحظ هواجس كل المكونات.

تصرّ المصادر القريبة من برّي على أن جوّ اللقاء كان إيجابياً، فيما تنفي مصادر أخرى ذلك، وتقول إن البخاري قد أبلغ برّي بالموقف النهائي والرسمي ولن يكون هناك أي جواب آخر.