لبنان أمام محطة قطرية جديدة هذا الأسبوع. يفترض أن ترتسم فيها ملامح جديدة للمرحلة المقبلة، وسط المساعي القائمة في سبيل الوصول إلى تسوية سياسية تنقذ الواقع اللبناني.
ما يحتاجه لبنان أبعد من تسوية رئاسية عادية، تنتج رئيساً للجمهورية وحكومة جديدة من دون الولوج جدياً في مراحل الإنقاذ الشامل في مختلف القطاعات. وهذا بحد ذاته يحتاج إلى تواصل جدّي مع غالبية الأفرقاء، للذهاب إلى عمق المشكلة لا إلى ظواهرها. من هنا تبرز وجهتا نظر، الأولى تتناول المساعي الفرنسية لإنتاج تسوية على الطريقة القديمة، وتحديداً على قاعدة التسوية التي أنتجت في العام 2016، وبالتالي، تكرار المسارات ذاتها والسيناريوهات نفسها، ما سيقود إلى نتائج مماثلة. أما الثانية، فتتعلق بما هو أعمق من هذه السطحية، والإقرار الفعلي بحاجة لبنان إلى تسوية شاملة. وهنا يُنظر إلى قطر بأنها الطرف الأكثر قدرة على تحقيقها، انطلاقاً من دورها السابق في اتفاق الدوحة، وارتكازاً على علاقتها القوية مع غالبية القوى في الداخل والخارج.
ينتظر اللبنانيون ما يحمله الوفد القطري، برئاسة وزير الدولة للشؤون الخارجية محمد بن عبد العزيز الخليفي، الذي سيجول على غالبية المسؤولين. يأتي التحركّ القطري في ظل اصطدام المساعي الفرنسية بعثرات عديدة وعقبات كثيرة، بعضها داخلي وبعضها خارجي. ففي الداخل، تعرّض الموقف الفرنسي إلى انتقادات كثيرة حول تبني نظرية المقايضة. أما في الخارج فمن الواضح الاختلاف الفرنسي السعودي حول الملف اللبناني.

ثمة رهان على الدور القطري لا سيما أن الدوحة لعبت أدواراً أساسية في لبنان في المرحلة السابقة، وتحديداً خلال حرب تموز عام 2006، للوصول إلى اتفاق وقف اطلاق النار، وصولاً إلى أحداث السابع من أيار واتفاق الدوحة.

للدوحة تواصل مع فرنسا، وإيران والولايات المتحدة الأميركية، التي صنفتها بالحليف الإستراتيجي الوحيد من خارج حلف الناتو. تمتلك قطر أوراقاً متعددة تخولها لعب دور أساسي ومركزي يمكن أن يحدث تقدماً على صعيد الملف اللبناني، لا سيما إنطلاقاً من دورها التفاوضي بين إيران والولايات المتحدة الأميركية.
في ظل اعتبار طرف لبناني أن المبادرة الفرنسية مرفوضة وقد فشلت مراراً بسبب عدم مراعاة الجميع، وفي ظل انعدام التواصل بين المملكة العربية السعودية وأطراف متعددة على الساحة اللبنانية أبرزها حزب الله، فإن الدوحة قادرة على التواصل مع الجميع في سبيل نسج خيوط وخطوط لملامح تسوية.