يتعامل لبنان بازدواجية واضحة مع أزمته داخلياً وخارجياً. فمن جهة، يدّعي ساسته العمل للخروج من الأزمة المستمرة، ومن جهة أخرى يمتنعون عن إجراء الإصلاحات، بعد أن باتت الحاجة إليها ملحَّة وجذرية.
يُفوِّت لبنان فرص تقديم رسائل إيجابية للمجتمع الدولي، عبر التعاون مع صندوق النقد والبنك الدولي، وأخيراً القضاء الفرنسي في الملف المتعلّق بقضية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. وعلى هذا النحو، يأتي احتمال وضع لبنان على “القائمة الرمادية” للدول الخاضعة لرقابة خاصة، مما يزيد من المؤشرات السلبية على الصعيدين الداخلي والخارجي.
القرار في حال اتخاذه “سيكون بمثابة ضربة كبيرة أخرى لدولة تعاني من تدهور مالي منذ عام 2019 وتكافح للتوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي”.
والتلويح باتخاذ هذا الإجراء لا يأتي من فراغ، فارتبطَ تسارع الأزمة خلال العام 2019، بعمليات تبييض الأموال وغسيلها. حتى أن الكثير من التحويلات المالية التي أُخرِجَت من المصارف على عجل في بداية الأزمة، تحوم حولها علامات استفهام تتعلّق بشرعيّتها. القائمة الرمادية سيليها قائمة سوداء إذا لم يسارع لبنان للالتزام مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلّح. لأن تلك المعايير تضمن حماية النزاهة المالية على مستوى دولي.
التلويح بالتصنيف الرمادي تحذير من عقوبات غير مباشرة تُفرَض على شكل مقاطعة من المستثمرين ومؤسسات التمويل الدولية، نظراً لارتفاع مخاطر التعامل مع لبنان، وخصوصاً مع المصارف. أي أن لبنان قد يجد نفسه في عزلة دولية ومزيد من الانغلاق الذي يؤثّر سلباً على الوضع الاقتصادي وسعر صرف الليرة.
التضييق الدولي سيتحوَّل إلى تضييق داخلي، إذ ستتراجع التحويلات المالية بالدولار، ما سيخفِّض حجم انتشارها في السوق. والمستوردون بدورهم سيواجهون تدقيقاً وتضييقاً في إجراء التحويلات وإتمام عمليات الاستيراد، ما سيرفع أسعار الدولار والسلع في السوق.