صحيح أن سوريا المتضرر الأول من الحرب التي دارت على أرضها لكن للبنان حصة كبيرة من هذا الضرر الذي أنهك اقتصاده وبات يهدد الخريطة الديمغرافية فيه، وهذا الضرر يتمثل بـ “اللاجئين السوريين”.

منذ العام 2011 استقبل لبنان حوالى المليونين من الشعب الهارب من اجرام النظام السوري، في حين أقفلت دول العالم حدودها رافضة دخولهم كالسويد وسويسرا، اللتين وضعتا سقفاً يحدد عدد اللاجئين التي يمكن أن تستقبلها أراضيهم وهي 5% من عدد سكان بلادهم، وتزايد علينا اليوم بموضوع حقوق الإنسان، في المقابل قاربت نسبة اللاجئين في لبنان الـ 50% من عدد سكانه. كما وعادت الدنمارك من جديد للتضييق على اللاجئين السوريين، وإرسال رسائل للدول الأوروبية مفادها بأن سوريا بلد آمن، مشيرة إلى أن محافظتي اللاذقية وطرطوس أصبحت مدناً آمنة إلى جانب مدينة دمشق. فهل ما هو غير مقبول به في الدول الأوروبية يجب أن يقبل به لبنان؟

ما يتعرض له لبنان اليوم في ملف اللاجئين السوريين بات بإمكاننا تصنيفه في خانة “الوجود السوري”، فالمناطق السورية باتت بأمان وعودتهم منطقية، خاصة وان اغلب الموجودين اليوم في لبنان يدخلون الى سوريا ويخرجون من حين الى آخر.

اللاجئ في القانون الدولي هو الذي قد يتعرض للأذى عند عودته الى وطنه، وعدد المعارضين من اللاجئين في لبنان لا يتخطى الـ 20 ألف والعدد الأكبر موالي للنظام يعترف ان وجوده في لبنان لان الوضع المعيشي أفضل بحيث ان المساعدات الدولية تقدم لهم بالإضافة الى مبالغ مالية جعلت مستوى عيش اللاجئين أفضل من المواطن صاحب الأرض، لذلك تسقط عنهم صفة اللاجئ وتنطبق عليهم صفة “مهاجر اقتصادي”. فهل بات الوجود السوري اليوم نتيجة الخوف من النظام السوري ام انه نتيجة وضع اقتصادي أفضل في لبنان؟

ان ملف الوجود السوري اليوم هو ثمرة تقصير بطلتها سلطة فاشلة تعاملت مع الملف منذ الـ 2011، حتى أصبح في ذروته مُشكِلاً قنبلة موقوتة يقترب صاعقها من التصفير لينفجر ويعيد عقارب الساعة الى الـ 75 وبدلاً من الفلسطيني أمس السوري اليوم.

الحوادث والاشكالات الناتجة عن السوريين تتزايد وكان آخرها مجموعة من النازحين السوريين يشتبه فيها في تنفيذ هجوم على مواطن في منطقة بسكنتا، مما أسفر عن إصابته بجروح خطيرة، وتم نقله إلى وحدة العناية المركزة.

هذه الحوادث المؤلمة والمتكررة تثير قلقًا كبيرًا في نفوس اللبنانيين، وتُسلِط الضوء على خطورة انتشار النازحين السوريين في القرى والبلدات دون وجود ضوابط صارمة.

 

خلاصة القول نتحدث اليوم لأننا نرفض التعاطي بعنصرية مع هذا الملف، نشجع على العودة الطوعية لهم واستكمال المساعدات لكن في الأراضي السورية، فنحن نؤمن بحقوق الإنسان لكن بحقوق المواطن اللبناني أيضا.