عند الساعة الرابعة بعد ظهر ذاك النهار، دوى انفجارٌ في بيت الكتائب الاشرفية، فهوت بيروت، تشظت أرواح اللبنانيين، إستشهد لبنان!
صراخٌ وعويلٌ وصدمةٌ على إثر الانفجار. ساد جو من الرفض لإعلان استشهاد بشير، ترجم من خلال انتشار إشاعات عن نجاته، والتي حسمها رئيس الوزراء اللبناني الأسبق شفيق الوزان معلناً استشهاد الرئيس بشير الجميّل، في معقل المسيحيين الحصين في قلب حي الأشرفية ليتحول حلمٌ بدا في قبضة اليد قبل أسابيع ثلاثة الى فاجعة تحولت فيها الزينة والورود الى أكاليل.
اغتيل بشير، ذاك الرئيس الاستثنائي في تاريخ الجمهورية اللبنانية، أصغر الرؤساء سنًا، أقصر الولايات زمنًا، أسرعهم في قيام دولة، جامع الطوائف اللبنانية دون استثناء، ومع اغتياله اندحر لبنان في آتون جهنم التي بُشرنا فيها.
لا مبالغة في القول إن باستشهاد بشير، استشهد لبنان، فحال الجمهورية اليوم التي حلم بها، خير دليل، وتكمن في أهمية استذكاره اليوم أكثر من أي وقت، أولاً، هذا دليل لحال الفشل الذريع، الذي وصلت إليه الطبقة السياسية من التكاذب والاحتيال، مما اوصلنا الى لبنان المزرعة وتفشي حال الفوضى في ربوع الوطن، ثانيًا، نتعطش اليوم الى قائد محرر لا يوارب، ينشل لبنان من انياب احتلال ميليشيا تسيطر على مفاصل الدولة وتصادر قرارها، تفرض قراراتها على اللبنانيين بالقمع والاغتيالات خدمةً لمصالح دولة خارجية رجعية.
إلى اليوم، ما يزال كثير من اللبنانيين خصوصًا المسيحيين ينتابهم الحنين إلى ما يرونه مشروع استقلال لبنان الموحَّد الذي تجسَّد في بشير الجميّل الذي كان الوحيد برأيهم القادر بما يمتلكه من كاريزما قيادية ومواصفاتٍ شخصية بارزة على أن يحكم لبنان مستقلًّا موحدًا.
في الذكرى الـ 41 لاستشهاد بشير نرى أجيالاً لم تعاصر البشير، إنما نمت على خطاباته وإنجازاته وبطولاته، تهتف “بشير حي فينا”، لنعي ان هواجس بشير ليست مصالح شخصية له، بل إنها هواجس شعوب تخلق مع أجيالها منذ الصغر، عاشقة للحرية مقاومة لظلم.
استذكار بشير لا يرتبط بتاريخ، لا يتطلب مهرجانًا، فطوال أيام السنة يترحم اللبنانيون يوميًا عليه ومنهم من بات يلومه على غيابه المبكر الذي أدى الى نشأة سياسيين أودوا بالبلاد الى جهنم، ومنهم من فرّق الصف المسيحي بغية الكراسي.
انما المؤكد ان شهيد الجمهورية مشعلٌ لن ينطفئ، فلبشير جنودٌ في كل مكان، تحافظ على مبادئه، نصب أعينها بناء دولة يعيش المرء فيها بكرامة، يسودها القانون.