لم تُبدِ أوساط معارضة إرتياحها التامّ بعد لقائها الموفد الفرنسيّ جان إيف لودريان، إذ إنّ الأخير أعلن عن دعمه لمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه برّي الحواريّة، على الرغم من أنّه قدّم ضمانات غير محسومة من أنّ أسماء المرشّحين التقليديين مثل وزير الماليّة السابق جهاد أزعور، ورئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة قد سقطت. فمشروع “المعارضة” لا يقف عند رفض الحوار أو تغطيّة جلسات الإنتخاب التي قد تُفضي إلى وصول مرشّح “الثنائيّ الشيعيّ”، وإنّما أصبح هدفها مواجهة سياسة “حزب الله” التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه، بحسب أوساطها.

وحتّى لو كان الحوار خالياً من مناقشة الأسماء المستفزّة، وفي مقدّمتها فرنجيّة، فإنّ “حزب الله” لن يقوم بانتخاب أيّ مرشّح آخر إنّ لم يتشاور معه، ويأخذ ضمانات منه من أنّه لن يتطرّق خلال سنوات عهده لموضوع سلاح “المقاومة” وأعمالها العسكريّة داخل لبنان وخارجه. من هنا، تُدرك “المعارضة” وبشكل خاصّ من يقوم من بين أطرافها بهذه المواجهة مع حارة حريك، أيّ “الكتائب” و”القوّات”، أنّ أيّ مرشّح وسطيّ لن يُعالج أساس المشكلة، وهي حصر السلاح بيد الجيش، وأنّ تكون الدولة هي سيّدة قرار الحرب والسلم.

وقد أتت الرواية الإسرائيليّة عن إنشاء “الحزب” مطاراً لطائراته المسيّرة في جنوب لبنان، لتزيد من تمسّك الصيفي ومعراب بمبادئهما تجاه “حزب الله“. وإنّ صحّت مزاعم تل أبيب، فإنّها تُضاف إلى حادثة الكحالة والطيونة، وإلى تهريب السلاح على الطرقات وتخزينه بين الأبنيّة السكنيّة، وتعريض حياة المواطنين للخطر، وتهديد اللبنانيين وترويعهم، وأخذهم إلى محاور في المنطقة هم بغنى عنها، بحسب ما تقول الأوساط المعارضة.

إلى ذلك، تُشير أيضاً إلى أنّ الرئيس الممانع أوصل البلاد إلى وضعٍ إقتصاديّ ومعيشيّ يُرثى له، وأيّ تجربة مماثلة ستزيد من تدهور البلاد، ولن تتعامل الدول الصديقة مع لبنان، ولن تُقدّم له المساعدات، وسيظلّ معزولاً كما كان الحال عليه خلال عهد الرئيس السابق ميشال عون، وسيتعزّز نفوذ “حزب الله” أكثر، عبر أخذ البلاد إلى دول الشرق، وإبعادها عن حضنها العربيّ والغربيّ.

وتلفت الأوساط المعارضة إلى أنّ كل هذا حاولت نقله للودريان، وأنّ أيّ حوار سيكون مضيعة للوقت، لأنّ “حزب الله” يُريد البحث عن ضمانات إنّ سار بشخصيّة وسطيّة توافقيّة. وأوضحت له أنّ الإتيان برئيسٍ ينال الإجماع، لن يتجرأ على معالجة المشكلة الأساسيّة، وهي السلاح الخارج عن سيطرة الدولة، ومنطق الدويلة الذي يتعزّز يوماً بعد يوم.

وفي هذا السيّاق، تُضيف الأوساط المعارضة أنّها لن تتساهل مع أيّ مبادرة خارجيّة، ولن تدخل في أيّ تسويّة ليست لصالح لبنان. وتُشير إلى أنّ مهمّة لودريان ستفشل، لأنّ فرنسا لا تزال تتعاطى بطريقة إبرام التسويّات والمقايضة، وهي تدعم فريقاً على آخر من خلال تأييدها لبرّي، وخصوصاً وأنّها حاولت جاهدة إقناع موفد الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون بالعدول عن الدعوة للحوار، لأنّها لن تكون الحلّ، إذ إنّ فريقاً يعمل عند كلّ إستحقاقٍ دستوريّ على انتهاج التعطيل، كيّ يوصل من يُريد إلى سدّة الرئاسة أو رئاسة الحكومة ومجلس النواب.

وتختم الأوساط قولها إنّ “الثنائيّ الشيعيّ” لم يتنازل حتّى اللحظة عن ترشّيح فرنجيّة، وأبرز دليل على ذلك هو تحاوره مع “التيّار الوطنيّ الحرّ”، كيّ يُعطي النائب جبران باسيل مكاسب في الإدارة الجديدة، لنيل دعم نواب تكتّل “لبنان القويّ” ويقترعوا لرئيس “المردة”.

 

الكاتب:كارل قربان

المصدر:ليبانون24