في ظل الأزمة التي يعيشها المواطن اللبنانيّ على مختلف الصعد وفي شتى الاتجاهات، يبدو أن قدرته على التحمّل بلغت حدّها الأقصى، لا سيّما أنّ أفق الحلول يبدو ضبابيّاً وبعيد المنال إلى حدّ كبير.
ومن آخر القضايا أو الإشكاليّات التي شغلت بال المواطن اللبنانيّ في الأمس مسألة إفادة السّكن، التي تمنحها “المفوضيّة العليا” للنازحين السوريين بهدف تنظيميّ، وفقاً لما أوضحت المفوضيّة، إذ إنَّها من خلال تحديد أماكن سكن السوريين تتمكّن من توزيع الخدمات والمساعدات بطريقة أسرع.
وفي هذا المجال، بدت ردّة فعل بعض المواطنين والمسؤولين اللبنانيين من مختلف الاتجاهات، وأبرزهم النائبان رازي الحاج وإبراهيم الموسوي مبرّرة إلى حدّ كبير.
فاللبنانيّ الذي أصبح وجوده مهدّداً بفعل الأزمة الاقتصاديّة، باتت هُويّته مهدّدة بفعل النزوح السوريّ المتمادي والمتزايد في الفترة الأخيرة، ممّا دفع المواطنين إلى التعبير عن مخاوفهم في أكثر من طريقة وأسلوب.
وفي ما يتعلق بإفادات السكن بشكل عام في لبنان، أكّد الأستاذ المحاضر في القانون في كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة القديس يوسف، الدكتور رزق زغيب، في حديث لـ”النهار”، أنّ “إفادة السكن في لبنان تصدر عن المختار بموجب القوانين المرعيّة الإجراء، وتخوّل صاحبها الحصول على مجموعة من الخدمات العامة، من أبرزها الاستحصال على جواز سفر من المديريّة العامة للأمن العام، بالإضافة إلى خدمة نقل القيد، وغير ذلك من الخدمات الأساسيّة والضروريّة”.
وأضاف: “المختار الذي تصدر عنه إفادة السكن يعبّر عن السلطة المحليّة واللاحصرية في بلدته أو مدينته، وهو يتبع تسلسليّاً إلى الإدارة العامة عبر القائمقام، وبالتالي يرتبط المختار بشكل مباشر بوزارة الداخليّة والدولة اللبنانيّة”.
وأشار زغيب إلى أنّ “إفادات السكن التي تنظمها المفوضيّة العليا للّاجئين، يمكن وضعها ضمن الإطار التنظيميّ لوجود النازحين السوريين في لبنان، ولا قيمة لها كمستند قانونيّ في لبنان. والمفوضيّة، سبق ووقعت مذكرّة تفاهم مع الدولة اللبنانيّة بهذا الخصوص، وذلك لرعاية شؤون اللاجئين، أكانوا من السوريين أم من غير السوريين، وبالتالي التدبير المشار إليه، والمتمثل بإصدار إفادات سكن للّبنانيين، يمكن وضعه في خانة التدابير التي تقوم بها المفوضيّة لتنظيم شؤون من تعتبرهم لاجئين في حين أنّ الدستور اللبناني يمنع منحهم هذه الصّفة”.
ورأى زغيب أنّ “إفادات السكن المُشار إليها هي عبارة عن نوع من الإحصاء، تقوم من خلاله المفوضيّة بتحديد أعداد النازحين وأماكن سكناهم، بهدف خلق تعداد حقيقي يهدف إلى حسن توزيع المساعدات ومختلف الخدمات”.
وفي سياق متصل، قال الدكتور زغيب إنّ “الحكومة اللبنانيّة كلّفت أخيراً جهات لبنانيّة محليّة للمساهمة في تحديد أعداد النازحين، والجهات متمثلة بالبلديات، المخاتير، القائمقامين، المحافظين والقوى الأمنيّة. وهذه العمليات التي تقوم بها الجهات المذكورة منفصلة تماماً عن عمل المفوضيّة، إذ الهدف منها مختلف تماماً”.
المصدر: النهار