خمسة أيام مضت على الاعتداء بالرصاص على مدخل السفارة الأميركية في عوكر، من دون ان يتمّ حتّى السّاعة توقيف أي شخص، بحسب ما أكد المتحدث باسم السفارة جايك نيلسون مساء أمس اذ قال “موظفو السفارة لم يعتقلوا أو يحتجزوا أي شخص على صلة بحادثة إطلاق النار التي حصلت ليل الأربعاء”. وذلك رداً على تقارير عن إلقاء القبض على أشخاص على صلة بما حصل في تلك الليلة.
رغم ذلك، تشير اوساط سياسية معارضة الى ان وصول الجاني الى السفارة الاميركية، هو بحدّ ذاته اهم من إطلاق الرصاص على البوابة الرئيسية، معتبرة ان من يمكنه الوصول الى مدخل السفارة واطلاق النار قادر على ان يقوم بأي عمل امني ضدها، مشيرة إلى أن الجهة التي تقف وراء الجاني ارادت ان تؤكد ان السفارة الاميركية ليست خطا احمر رغم الزنار الامني حولها. فمن يتجرأ على خرق أمن السفارة الأميركية؟
العميد المتقاعد والنائب السابق وهبة قاطيشا يؤكد لـ”المركزية” ان “أمن السفارة لم يُخرَق، لأن من أطلق النار أطلقه على باب السفارة، وهذا الأمر يمكن أن يقوم به أي شخص من أي مكان، ليس بالضرورة أن يمرّ عبر الحواجز الأمنية، يمكن السير على القدمين من بعيد والوصول مقابل السفارة وإطلاق النار ومن ثم التواري عن الأنظار. ما حصل سهل أمنياً ولا يحتاج للمرور على حواجز عسكرية، ولا يُعتبَر خرقا للجيش اللبناني المحيط بالسفارة أو لأمن السفارة، لأن من يريد القيام بعمل كهذا يمكنه أن يتسلل ويطلق النار”.
ماذا عن عدم توقيف أي متورط حتى السّاعة، يجيب قاطيشا: “إذا لم يتم إلقاء القبض على أي متّهم فهذا يعتبر تقصيرا من قبل الأجهزة الأمنية اللبنانية التي من واجباتها إحصاء كل العناصر المُخِلّة بالأمن وبإمكانها القيام بعمل كهذا، إلا إذا كانت هذه العناصر محميّة من جهة معيّنة. إذا كان هذا العمل فردياً يمكن للأجهزة الأمنية التعرّف عليه بسهولة، أمّا ان كان محمياً من أجهزة كبيرة أو دويلة أو منظمات، فقد يكون من الصّعب كشفه”.
هل الرسالة الموجهة تعني ان السفارة ليست خطا أحمر بالرغم من الطوق الأمني المحكم حولها، يجيب: “السفارة خط أحمر، لا يمكن لأحد الدخول إلى حرمها، ولا أحد يتجرأ على التعدي على السفارة أو السفير، وكلنا رأينا منذ 15 يوما السفيرة الاميركية دوروثي شيا والموفد الاميركي آموس هوكشتاين يحتسيان القهوة في مقهى على الروشة وسط الناس، وهذا يعني أن لا أحد يتجرأ على القيام بعمل مدجج وقوي ضد السفارة، إنما هذه الرصاصات هي رسالة من قبل الفاشلين “بأننا هنا”، او من قبل الجماعة التي لديها مشكلة مع الاميركيين، أرسلت لهم رسالة “بأننا غير راضين عما تقوم به الولايات المتحدة”. لكن ما الذي يمكنهم القيام به؟ لا أحد يمكنه القيام بأي شيء مع الاميركيين، فالولايات المتحدة دولة قوية. وقد خرجت السفيرة الأميركية لتعلن أن “إطلاق النار على السفارة لم يرهبنا”، وما حصل يشبه قيام شخص بإطلاق النار فوق منزل أحدهم في القرية، ويقف الأمر عند هذا الحدّ”.
حصلت في الليلة نفسها خروقات أمنية أخرى كإطلاق النار على مركز للقوات اللبنانية في زحلة، وغيرها من الحوادث، هل يمكن اعتبار الأمن مخروقا؟ “الأمن في لبنان غير مستتب، ويتحكّم به حزب يحمل سلاحا وخارج عن سيطرة الدولة ويخضع لدويلة، ويمكنه زرع الرعب والإرهاب إينما كان، وأكبر دليل ما حصل في عين إبل من اغتيال أحد مسؤولي القوات اللبنانية، وما حصل أيضاً في زحلة وكانت رسالة مباشرة للقوات والقواتيين. وبالتالي الأمن غير مستتب في لبنان، إنما لا تصعيد ضد الأميركيين. يمكنهم توجيه رسائل ضدنا مثلاً كحزب معارضة تماماً كما حصل في زحلة وعين إبل والكحالة وخلدة وشويا، من أجل ترهيب المكونات السياسية اللبنانية التي لا تخضع لمحور الممانعة. هذه الحالة موجودة ويمكنهم القيام بذلك متى شاؤوا. إنما إلى أي مدى يمكنهم إخضاع الآخرين؟ مهما فعلوا، لا أعتقد أن هناك من يخاف منهم ويخضع لهم”.
نلاحظ وجود جبهة معارضة متماسكة، يجيب قاطيشا: “لولا الوقفة التي تقفها “القوات” اليوم لكان الآخرون تسابقوا لكسب ودّ الممانعة والحصول على المراكز والمناصب. “القوات” رأس الحربة في هذه القضية، لذلك نجد ان الآخرين لا يتجرأون على التضحية بالسيادة، لأن هناك حزبا يستقطب، ورأيا عاما ودولا تقول بأن طفح الكيل من هذا السلاح غير الشرعي ومن ممارسات الدويلة. لم يعد بإمكاننا المساومة على أي شيء، وصلنا إلى مكان “ضهرنا للحيط”.
المصدر: المركزية