مع تفاقم الأزمة الاقتصادية، في الأعوام الأربعة الأخيرة تفشّت ظاهرة عمالة الأطفال، لا سيما في طرابلس، أفقر مدينة في شرق حوض المتوسط، مع ما يعنيه ذلك من تسرّب مدرسي وأخطار تواجه الأجساد الصغيرة التي تتحمل ظروفاً قاسية.

تؤكد «منظمة اليونيسف» أن «160 مليون طفل يعملون في العالم، فيما الرقم مرشح للازدياد». رداً على هذه الظاهرة العالمية، رفعت الأمم المتحدة سنة 2022 شعار «الحماية الاجتماعية الشاملة لإنهاء عمالة الأطفال» بعدما فتكت الأزمات الاقتصادية العالمية بالأطفال في كل العالم، وذلك على اعتبار أنهم العنصر الأضعف في المجتمع.

أما بالنسبة إلى لبنان، فتقدر رئيسة وحدة مكافحة عمل الأطفال في وزارة العمل نزهة شليطا أن حوالى 100 ألف طفل يعملون، وهو رقم مرشح للإزدياد بسبب الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والصحية التي يعيشها لبنان. في المقابل، أحصت بلدية طرابلس 1020 طفلاً يعملون فيها وذلك بعدما أجرت مسحاً لواقع عمالة الأطفال في المدينة، فيما تكفي جولة قصيرة بين أسواق المدينة لتبين أن الرقم أعلى علماً أن أرباب العمل غالباً ما لا يصرّحون بعمل الأطفال لديهم.

يمكن لأي مار في شوارع طرابلس، وبخاصة تلك التجارية والفقيرة منها، مشاهدة أطفال يعملون في نقل الأغراض الثقيلة أو شتى الأعمال الشاقة الأخرى. في الواقع، أضحت هذه الظاهرة أشبه بـ»الأمر الطبيعي» وهذا هو الخطر الداهم والحقيقي، لأن أخطر ما في الأمر هو العادة دون أن يقوم المسؤولون بفعل أي شيء للحد من عمالة الأطفال.

أما أسباب عمالة الأطفال في طرابلس فهي كثيرة ومتنوعة، وهي بحسب إحصاء لعَينة من الأطفال أعدته «منظمة اليونيسف» حول هذه الظاهرة في شمال لبنان وعكار، على النحو التالي: 65 في المئة من الأطفال أجابوا أنهم يعملون لتأمين دخلهم الشخصي ولتخفيف الأعباء المالية عن عائلاتهم، فيما 26 في المئة منهم أجابوا أنهم يريدون «تعلّم مصلحة تؤمن مستقبلهم» لأنهم تركوا مقاعدهم الدراسية، و8.5 في المئة منهم أجابوا بأنهم لا يزالون في المدرسة لكنهم يعملون خلال فصل الصيف.