كثر الكلام في لبنان عن نيّات “حزب الله” والثنائي الشيعي للعمل على استبدال الطائف بمثالثة مع حصة اكبر للشيعة في لبنان. لم يتمكن الحزب من إلغاء الطائف، إلا أن ما يجري حاليا في البلد والفراغ المستمر في الرئاسة الاولى وفي المصرف المركزي وقريبا في قيادة الجيش يشير الى نية الحزب تأخير ملء الفراغ للهيمنة على مناصب أساسية في الدولة. وثمة اقتناع لدى أوساط مسؤولة في دول عربية وغربية مفاده ان الثنائي الشيعي الذي يسيطر على وزارة المال اصبح أيضا مسيطرا عبر الفراغ على حاكمية مصرف لبنان وتسليمها لنائب الحاكم بالإنابة وسيم منصوري. وكثر في الأوساط المسؤولة نفسها مقتنعون بان الثنائي الشيعي لن يعيد بعد اليوم الحاكمية الى الموارنة. وبالمنطق نفسه قد يماطل “حزب الله” بقبول ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون حتى اقتراب موعد تقاعد الاخير في غضون ثلاثة أشهر حين يبدأ الحزب ربما بمقايضة قيادة الجيش للشيعة مقابل القبول بانتخاب العماد عون.
واليوم تُجمع الدول الأساسية المهتمة بلبنان، السعودية وفرنسا وقطر في الطليعة من بين مجموعة الـ 5 التي تضم أيضا الولايات المتحدة ومصر، على ان قائد الجيش هو المرشح الأنسب لتولّي الرئاسة في لبنان لسمعته بأنه وطني وغير فاسد. فباريس وشركاؤها العرب مقتنعون بان “الخيار الثالث” البديل من المرشحَين سليمان فرنجية وجهاد ازعور هو الاوفر حظا لملء الفراغ. لكن السؤال: هل يتنازل “حزب الله” عن مرشحه فرنجية، واذا فعل ذلك الى متى سيبقي البلد في الفراغ، وهل ينتظر حتى قبيل فترة انتهاء مهمة قائد الجيش للتفاوض حول اسمه؟ لدى باريس انطباع بأن انتخاب العماد عون ممكن وقد يحصل على موافقة “حزب الله”.
لكن الحزب وشريكه الرئيس نبيه بري لم يقولا بعد كلمتهما الأخيرة في الموضوع وهم مستمرون بالتمسك بمرشحهم حتى إشعار آخر للتفاوض والحصول على مزيد من التنازلات لحساب الثنائي الشيعي. هل يكون ذلك في اطار محاصصة مؤسساتية اكبر للثنائي الذي لديه نفوذ بالسلاح غير الشرعي ويطمح الى حصة اكبر في الدولة قد تكون عبر مزيد من المماطلة؟ علما ان الفراغ المميت وغياب الاصلاحات في البلد يزيدانه فقرا واهتراء وفوضى وتراجعا، ما يعني ان حصة اكبر في دولة تعاني من الاهتراء ستكون عبئا اكبرعلى الحزب وشريكه في البلد. ربما يظن الموفد الرئاسي الفرنسي جان – إيف لودريان ان انتخاب قائد الجيش ممكن وقد يدعمه بإقناع الافرقاء اللبنانيين كلّ من الجانب السعودي والقطري. لكن حسابات “حزب الله” وشريكه الرئيس بري قد تختلف عن قناعات لودريان الذي تقتصر مهمته على ملء الفراغ الرئاسي، ولكن بعد ذلك من يتولى اقناع الافرقاء باختيار رئيس حكومة ثم تعيين وزراء والأهم القيام بالإصلاحات؟
ثمة دول عربية صديقة أساسية متشائمة جدا حيال خروج لبنان من ازمته بسبب عدم مسؤولية بعض قياداته السياسية، لكنها داعمة للجهود الفرنسية لأسباب تحالفها الاستراتيجي مع فرنسا التي تربطها علاقات تاريخية وثيقة بلبنان. يمكن الاستنتاج انه اذا فشل لودريان في مهمته فلن يبقى لأحد من أصدقاء لبنان في الخارج أمل في ان ينجح، كما ان غياب الاهتمام الدولي بلبنان قد يزداد لأن العالم ملّ من ازمته وخلافات سياسييه رغم تفاقم اهتراء وضعه الداخلي وأزمة النازحين السوريين. اذاً الكرة اليوم في ملعب من يعارض انتخاب العماد عون لأنه يبدو الاوفر حظا في نظر شركاء لبنان العرب والغربيين.
الكاتب: تشارلي عازار