أصبحت قضية النازحين السوريين في لبنان في رأس الأولويات. ولا تغيّر من موقعها، الطريقة التي يتم التعامل معها داخلياً وخارجياً. ومن أبرز المتعاملين معها أخيراً الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله. فهل سيكون دخول نصرالله على خط هذه القضية عاملاً مساهماً في حلها؟ أم في تعقيدها؟
ما اقترحه زعيم «حزب الله»، هو ما فعله سابقاً الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. ويقوم الاقتراح على تسهيل رحيل النازحين السوريين إلى أوروبا عبر الشواطئ اللبنانية. وبدا نصرالله واثقاً من أنّ هذه الطريقة التي جرّبتها تركيا ستنجح. وهو قال واثقاً: «إن الدول الأوروبية ستأتي خاضعةً إلى بيروت، إلى السراي الحكومي لتقول للبنانيين ماذا تريدون لتوقفوا هذه الهجرة للنازحين في اتجاه أوروبا؟».
في انتظار ما ستأتي به الأيام، سواء من خلال ما يقترحه نصرالله أو سواه، لا بد من التبصّر في مآل النزوح الذي تحوّل في الأسابيع الأخيرة إلى ما يشبه الطوفان البشري الذي جعل لبنان في حالة غرق، يخشى معها أن تزهق وجود لبنان. وفي وضع كهذا، ألا يجدر القيام باجراءات استثنائية لإنقاذ الوطن قبل فوات الأوان؟ مع التذكير، بأنّ الحل التركي، كما قال نصرالله، قد جُرّب في بلد مستقر وليس في بلد كلبنان الذي لا تشبهه سوى قلة من الدول الأكثر إفلاساً على ظهر الكوكب.
من هذه الإجراءات الاستثنائية، ما أفاد به تقرير جهة سياسية لديها علاقات طبيعية مع «حزب الله»، من أن المناطق التي لا تزال تحت سيطرة «الحزب» في سوريا، نزح منها إلى لبنان قرابة 600 ألف سوري. وهذه المناطق المتاخمة لحدود لبنان الشرقية تضم القصير والقلمون وغيرهما. كما أنّ هذه المناطق لم تعد ميدان قتال كما كانت في الأعوام الأولى للحرب السورية بعد اندلاعها عام 2011.
اذا جرت المقارنة بين اقتراح نصرالله أن يركب النازحون القوارب ويتوجهون إلى شواطئ أوروبا المتوسطية، وبين ما يقترحه التقرير لجهة عودة ما يعادل أكثر من ربع النازحين إلى ديارهم في المناطق القريبة من لبنان، فيتبيّن أن الاقتراح الأخير مضمون النجاح ولا ينطوي على مخاطر البحر وتعقيدات السياسة والأمن.
ما دام الامر على هذا النحو، فلماذا لم يخطر في بال قائد «الحزب»؟ حتى يأتي الجواب من المعني الأول، لا بد من مراجعة خطاب نصرالله الأخير. فعلى مدى 1686 كلمة بالتمام والكمال، لم تأت في أي منها فكرة «العودة». ما يعني أنّ لا رجوع للنازحين إلى وطنهم. وهناك الكثير الذي قيل وكتب، ما يفيد أنّ النظام السوري الحالي يتصرف على أساس أنّ «سوريا المفيدة» يبلغ عدد سكانها حسب تقديرات الأمم المتحدة عام 2017، حوالى 18,270 مليون نسمة مقارنة بـ23.5 مليون نسمة حسب تقديرات عام 2010. وحتى أنّ تقديرات الأمم المتحدة التي مضى عليها 6 أعوام يجب تحديثها. ويمكن طرح لبنان نموذجاً لما أصبح عليه سكان سوريا حالياً.
لكن في مطلق الأحوال، هناك في ذمة نصرالله 600 ألف سوري أخرجهم هو مباشرة من ديارهم، وعليه تبرئة ذمته بإعادتهم إلى ديارهم.
الكاتب: أحمد عياش
المصدر: نداء الوطن