في الأحوال الطبيعية ترد في جلسات مجلس الوزراء عبارة: «حضر رئيس الجمهورية فترأس الجلسة»، لكن في الأحوال الاستثنائية، كما أمس، شارك وزراء «حزب الله» في جلسة حكومة تصريف الأعمال، فتولوا إدارتها. وفي معلومات «نداء الوطن»، لم تكن أجواء جلسة مجلس الوزراء هادئة، بل شهدت «عراضات» كلامية بنبرة عالية من بعض الوزراء، ولا سيما المحسوبين على «حزب الله» حيث تولى الوزير مصطفى بيرم الحديث بمطالبة رئيس الحكومة برفع سقف البيان الذي كان سيلقيه، مشيراً الى أنّ اسرائيل تعتدي على اللبنانيين، ولا يمكن السكوت عن هذا الأمر «ويلّي مش عاجبو يدق راسو بالحيط». كما سجّل اعتراضه على موقف وزير الخارجية عبدالله بوحبيب في مؤتمر وزراء الخارجية العرب. وهنا تدخل الوزير وليد نصار طالباً عدم استغياب الوزير المعني وانتظار استيضاحاته. وقد تولى عدد من الوزراء الإدلاء أيضاً بمواقفهم من التطورات، ولكن من دون أن يثير الأمر أي اشكالات كلامية.
وفي المعلومات أيضاً، طلب وزراء «الحزب» إدراج عبارة «إبادة جماعية» في مقررات مجلس الوزراء لوصف ما تفعله إسرائيل في غزة. وطالب وزير الزراعة عباس الحاج حسن، بإيراد الشعار الذي أطلقه الإمام موسى الصدر: «إسرائيل شر مطلق والتعامل معها حرام».
ومن أجل إضفاء نكهة على إدارة «الحزب» جلسة الحكومة، دخل وزير الثقافة محمد وسام مرتضى الجلسة واضعاً الكوفية الفلسطينية.
وفي موازاة ذلك، طرح بعض الوزراء مآل الأوضاع إذا وقعت الحرب، واستهدفت مرافق لبنان الحيوية. كما طرح وزراء مدى جهوزية لبنان أمنياً كي يدافع عن نفسه في أحوال الحرب. وأفادت المعلومات أن الحكومة قررت بدء الاستعداد لمثل هذه الظروف، فيما أكد قائد الجيش العماد جوزاف عون أنّ المؤسسة العسكرية على استعداد للقيام بواجباتها. وكان أحد القادة الأمنيين الذين شاركوا في الجلسة.
كيف انتهت الجلسة؟ بناء على ما جرى فيها، لم تصدر قرارات، بل جرى الاكتفاء بكلمة ميقاتي الذي ظهر عليه الإرباك وهو يحاول السير بين سطور الظروف الخطرة التي يمر فيها لبنان، وبين سطوة «حزب الله» التي ظهرت جلية في الجلسة. ومثالاً على هذا الإرباك ظهر في كلام ميقاتي عن التحذيرات الغربية، ولا سيما الأميركية التي تلقاها لبنان من عواقب أن يأخذ «حزب الله» لبنان الى الحرب. فقال ميقاتي: «إنني على تواصل، ليس فقط مع المسؤولين الدوليين الذين بادروا الى الإتصال لوضعنا في صورة الطلب الينا السعي لتهدئة الاوضاع، بل أيضاً مع كل القوى السياسية الفاعلة في لبنان، للطلب اليها ضبط النفس وعدم الانجرار الى المخططات الاسرائيلية». لكن إعلام «حزب الله» أغفل الكلام السابق واختار هذه الفقرة من كلام ميقاتي: «مجمل الحوادث التي تجري على طول الخط الأزرق، هي نتيجة للاستفزازات الاسرائيلية ولخرق العدو الاسرائيلي الدائم للقرار 1701».
وفي تتمة لمشهد إدارة «حزب الله» جلسة الحكومة، وصل قبل منتصف ليل أمس الى بيروت وزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان متأخراً ساعات لأنّ طائرته لم تستطع أن تحط أمس في مطار دمشق بسبب خروجه ومطار حلب عن الخدمة جراء القصف الإسرائيلي. وقال السفير الإسرائيلي لدى برلين رون بروزر إن القصف على مطار دمشق استهدف «شحنات أسلحة آتية من إيران تضمّ صواريخ ومسيّرات» الى سوريا ولبنان.
ومن المستوى السياسي الى المستوى الميداني، حيث دوّت مساء أمس صفارات إنذار في الجولان ومستوطنة المطلّة، وسط نقل معلومات أولية عن إطلاق صواريخ من جنوب لبنان. ولاحقاً، تبيّن أنّ لا صواريخ أطلقت على المطلة، إنّما أصوات الانفجارات التي سُمع دويها ناجمة عن انفجار 3 صواريخ «باتريوت» فوق سهل الخيام مقابل المطلة. وأفاد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، «أنّ صاروخ اعتراض أُطلق في منطقة الشمال بعد رصدٍ في سماء البلاد، حيث اتضح بعد الفحص أن الحديث ليس عن قطعة جوية معادية، والاعتراض كان كاذباً».
وفي ردود الفعل السياسية، قالت مصادر المعارضة لـ»نداء الوطن» إنّ البيان الذي أصدرته يمثل «موقفاً حاسماً للتأكيد على وحدة الصف وطنياً بعد موقف مماثل رئاسياً». ولفتت الى أنّ الرسالة كانت رباعية، فهي توجهت أولاً الى «حزب الله» قائلة: «إن استخدام الأراضي اللبنانية وربطها بمصالح استراتيجية ايرانية مرفوض». كما توجهت الى حكومة تصريف الأعمال فاعتبرت أنها « تتحمل بتقاعسها المسؤولية عن تعريض لبنان لخطر الحرب والدمار». ثم التفتت الى جوهر الصراع في غزة فأكدت على «إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة وفق حل الدولتين». وانتهت المعارضة الى التأكيد على «ضرورة تحصين الداخل بالمسارعة الى انتخاب رئيس للجمهورية يجمع اللبنانيين حول مشروع الدولة».
المصدر: نداء الوطن