منذ مسلسل «فتوحات» نابوليون بونابرت في القرن التاسع عشر وصولاً إلى الغزو الروسي لأوكرانيا في هذا القرن مروراً بالحربين العالميتين يعود القرار في شنّ الحروب أو المشاركة فيها إلى الدول والحكومات أكان على رأسها مغامر مهووس أو قائد عاقل. فقط في لبنان تُخاض الحروب بقرار حزبي.

بكامل وعيه، يأخذ «الحزب» البلاد من جنوبها إلى شمالها إلى حرب غير مضمونة النتائج وغير متكافئة ولأسباب خاصة باستراتيجيته وعقيدته ومفاهيمه لكيفية إدارة الصراع، من دون العودة إلى حكومة أو إلى أيّ سلطة شرعية ولا حتى إلى طاولة حوار تجمع أطياف البلد الكبرى.

لا شأن للبنانيين، ولممثليهم في البرلمان، وللوزراء الـ «بلا ركب» ولا رأي لهم في خوض أيّ حرب ضد إسرائيل. تعريض لبنان للدمار الشامل يتعلّق حصراً بـ»الحزب» وخياراته. من يعترض على نتائج المغامرات يُخوّن. فؤاد السنيورة في الـ2006 حلّ على رأس قائمة «توب تن» الخونة تلاه سمير جعجع ووليد جنبلاط (لفترة محدودة جداً ) في المرتبتين الثانية والثالثة أحمد فتفت في المرتبة الرابعة بيار الجميّل حلّ خامساً بطرس حرب، دوري شمعون، جبران تويني، نسيب لحّود مروان حمادة وسائر المعترضين وسائر السائرين في خطهم خونة.

منذ بداية الحرب على غزة، عقب عملية «طوفان الأقصى»، و»الحزب» يلعب بأعصاب العدو والوسطاء والسفراء ووزراء الخارجية. وهو في الواقع يلعب بمصير جميع اللبنانيين والمقيمين على أرضه. يردّ أو لا يرد؟ يشارك أو يكتفي بالتهويل؟ يقتحم المستعمرات المحاذية للجنوب في تتمة لـ «طوفان حماس» أو يكتفي بالقصف من داخل الحدود اللبنانية؟

كمقامِرٍ على درجة عالية من الإحتراف يبقي «الحُزب» ورقته الرابحة مستورة. وخططه مستورة. ومواعيد انخراطه في الحرب الواعدة مستورة. خلاصة معلوماتي بما يحضّر له «الحزب» وما يضمره وما ينوي عليه متطابقة مع معلومات رئيس الحكومة اللبنانية ووزير دفاعه. صفر معلومات.

في الوقت الذي يترقّب اللبنانيون اليوم كيف سيلعبها «الحزب» وكيف سيلقن العدو درساً لن ينساه ولن ننساه كلبنانيين أقحاح، وفي الوقت الذي يعجز فيه رئيس الحكومة البتراء عن إرضاء طموحات عتاة الممانعين فيها، لم يجد داعية الحوار الرئاسي سبباً وجيهاً لجمع القيادات اللبنانية ودعوتهم إلى حوار جدّي وعقلاني لتجنب تجرّع كأس الحرب المرّة «وان شات». الذهاب إلى الحرب، وجرّ اللبنانيين إليها شأن يخص «الحزب» واللعب على حافة الهاوية أو في قلب الجحيم يعني «الحزب» حصراً وقيادات حماس والجهاد وحزب البعث العربي الإشتراكي. ليس من عادة الرئيس نبيه بري التدخل في ما يقرره «الحزب». هكذا كان. هكذا يبقى.

المصدر: نداء الوطن.