قد يبدو للوهلة الأولى، أن المشهد الأمني الحاصل على الحدود اللبنانية-الفلسطينية بات طاغيًا على جميع النقاشات، بل وأن الخوف والتوجس من أي حرب إسرائيلية مفاجئة على لبنان، من الممكن أن تُصيب البلد ومؤسساته ومرافقه بحالة من الشلل أو الجمود، قبل نشوب الحرب حتى. لكن، على خلاف ذلك، المشهد يظهر مختلفًا داخل قصر عدل بيروت خلال هذه الأيام الاستثنائية. من جهة، تغصّ القاعات بالمواطنين ومعاملاتهم، ومن جهة أخرى تموج بالمتطلعين لمركز المدعي العام التمييزي بعد إحالة القاضي غسان عويدات على التقاعد، خصوصًا في ظل إمكانية أن يشغل المنصب قاض من الطائفة الشيعية على خلاف العادة التي كُرست في السنوات الأخيرة.

المسار المتوقع
في شباط المقبل، سيُحال المدعي العام التمييزي، القاضي غسان عويدات على التقاعد، ومن المفترض أن يحلّ أحد قضاة النيابة العامة التمييزية لشغل هذا المركز عوضًا عن عويدات. ما يعني أن يكلّف القاضي الأعلى درجة بين زملائه بهذا المركز.

والمعروف أن هذا المركز من حصة الطائفة السنية، لكن المفارقة اليوم، أن المصادر القضائية البارزة رجحت بأن هذا الأمر قد يتغير، لكون بعض الأسماء المطروحة تعود لقضاة من الطائفة الشيعية. ومنهم: القاضية ندى دكروب والقاضي علي إبراهيم.

انطلاقًا من النص القانوني، وفي ظل الشغور الرئاسي الحاصل وعدم صدور التشكيلات القضائية، يكلف القاضي الأعلى درجة بين قضاة النيابة العامة التمييزية بهذا المركز. وهنا يبرز اسم القاضية ندى دكروب، محام عام تمييزي، وإبنة أخت رئيس مجلس النواب، نبيه برّي، وزوجة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي.

أما الاسم الثاني فيعود للنائب العام المالي، رئيس صندوق تعاضد القضاة، القاضي علي إبراهيم، وهو الأعلى درجة من القاضية دكروب، وأحد قضاة النيابات العامة، ويبرز اسمه على اعتبار أن النيابة العامة المالية تنشأ من ضمن النيابة العامة التمييزية حسب قانون أصول المحاكمات الجزائية.

وفيما تعتبر المصادر القضائية بأن القاضي إبراهيم قد يكون الأوفر حظًا، لأنه الأعلى درجة بين الأسماء المطروحة، إلا أن اسم القاضي غسان الخوري يبرز أيضًا. وتطرح تساؤلات أخرى تدور حول “إمكانية” المدعي العام التمييزي، القاضي عويدات، تكليف النائب العام التمييزي الخوري بهذا المركز. علمًا أن مصادر قضائية بارزة أفادت أن هذا السيناريو لا يزال مستبعدًا، بسبب أحكام قانون تنظيم القضاء العدلي.

صعوبة التمديد؟
ووفقًا لمعلومات “المدن” فإن مجموعة أخرى من الأسماء متداولة أيضًا، ولكنها مرتبطة بإنجاز التشكيلات القضائية. أي أنها مستبعدة حاليًا في ظل الشغور الرئاسي، وهم القضاة: أيمن عويدات (الطائفة السنية) رئيس غرفة في محكمة الاستئناف المدنية في بيروت وعضو في هيئة تأديب القضاة، القاضي جمال الحجار (الطائفة السنية) رئيس غرفة بمحكمة التمييز، والقاضي ربيع حسامي (الطائفة السنية) رئيس الهيئة الاتهامية بجبل لبنان.

وفيما يتعلق بالتمديد للقاضي عويدات لحوالى العامين، أوضحت مصادر قضائية بارزة أن التمديد بحاجة إلى قانون، سيما أن هذا الخيار لن يكون متاحًا خلال الفترة المقبلة. لذلك من المتوقع أن يحلّ القاضي علي إبراهيم في هذا المنصب نسبةً لدرجته.

على أي حال، هذا الواقع يفرض تساؤلًا جوهريًا، لجهة تحوله إلى بلبلة تنسحب إلى بعد طائفي-سياسي، مع الأخذ بالاعتبار أن هذا المنصب كُرّس لسنوات طويلة للطائفة السنية. والمؤكد أن الأمور لم تحسم بعد وقد تتغير فجأة، ليبقى السؤال الأساسي: هل ستتدخل بعض المرجعيات السياسية في هذا الأمر؟

الكاتب: فرج منصور