باتت أقصى اماني الذين يعيشون ضمن دائرة ما يمكن تسميته “معارك المستشفيات” تأمين الوقود والمياه والمواد الطبية لإنقاذ من هم فيها، باتت أشبه بكرة نار مشتعلة تضيء سماء القطاع وشماله تحديداَ بعد انقطاعه عن العالم الخارجي، وأضحى المسعفون والأطباء مشاريع شهداء مع تقدم المعارك والحصار الذي يعيشونه.
في الجهة الشمالية لفلسطين المحتلة يبدو أن الأوضاع تنذر بالتطور مع استمرار القصف الحارق الذي يقوم به جيش “الكيان الصهيوني” تجاه البلدات في جنوب لبنان والغارات التي طالت عمق يصل الى 40 كلم، وكأن هناك تعطشاً لرئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو للمزيد من الدماء، وقد ترجمه وزير دفاعه غالانت الذي “أكد ان جيشهم مستعد للقيام في بيروت بما يفعله في قطاع غزة… وطيارونا يجلسون في قمرة القيادة وانوف الطائرات موجهة نحو الشمال… ولم نستخدم سوى 10%” وفق ما أوردته احدى الصحف العبرية.
كلام غالانت إشارة واعتراف واضح بما ارتكبه في القطاع وأن نواياهم بتوسيع رقعة المعارك جدية، بعدما بات لبنان الكلمة المفتاح لأي تصريح من قيادات الكيان والذي يترافق مع توسيع دائرة الاستهدافات لتطال المدنيين وكان آخرها استهداف سيارة تقل عائلة مدنية أدت الى استشهاد 3 فتيات وجدتهنّ، وصولاً إلى مقار قوات حفظ السلام العاملة جنوب لبنان.
من خلال تصاعد وتيرة الاشتباكات جنوب لبنان وتوسع دائرتها وتحولها من رد على مواقع اطلاق النيران الى غارات باستخدام المسيرات الانتحارية والمتفجرة والصواريخ البعيدة المدى، قد تنتقل الأمور الى منزلق خطير يهدد لبنان بتحويله الى “غزة 2” مع تصاعد وتيرة التهديدات “الإسرائيلية” التي استعادت مشاهد الاجتياحات السابقة، لكن قواعد اللعبة اليوم لا يمكن أن تنطبق على حسابات الكيان بعدما ظهرت قدراته القتالية في غزة التي تكبد فيها خسائر بشرية فادحة بتحويله ارض القطاع الى ارض محروقة، كون قدرة “حزب الله” القتالية ونوعية الأسلحة التي يمتلكها من أسلحة ذكية وصواريخ ذكية أزاح الستار عنها في عدة مناسبات قد تدفع الجيش الإسرائيلي وقياداته الى عدم الاندفاع لتنفيذ تهديداته والاكتفاء بالعرض الكلامي وفق مصدر متابع للمجريات العسكرية.
ويتابع المصدر ما يثير المخاوف، عدم تجاوب الكيان للضغط العربي والخليجي الذي اجتمع قادة دوله في قمة عربية إسلامية مشتركة طارئة في الرياض، بعدما كان من المقرر ان تجتمع “جامعة الدول العربية” ومنظمة “التعاون الإسلامي” قمتين منفصلتين إلا أن الخارجية السعودية أعلنت عن دمج القمتين تكللت ببيان شدد على إدانة جرائم الحرب التي ترتكبها “إسرائيل” والمجازر الهمجية واللاإنسانية، ورفض توصيفها بالدفاع عن النفس والأبرز كان التشديد على أنه “لا يمكن لإسرائيل ولا لأي دولة أخرى في المنطقة أن تنعم بالأمن والسلام”.
ويختم المصدر الى ان التصعيد مازال سيد الموقف مع فشل المفاوضات التي كانت تجري في الكواليس فيما يتعلق بعملية تبادل الرهائن والتي يبدو تلاشت أهميتها مع ارتفاع عدد ضحايا المعارك، ولم تعد الأفق والمساعي واضحة الامر الذي يؤشر إلى أن الأمور قد تكون مفتوحة على جميع الاحتمالات، مع انتفاء أي رادع لآلة القتل الإسرائيلية.
الكاتب: كلادس صعب