بات القرار الدولي 1701 الذي أنهى حرباً استمرت 33 يوماً بين تل أبيب و”حزب الله” عام 2006، مهدداً فعلياً بسبب العمليات العسكرية التي تتصاعد وتيرتها جنوب لبنان منذ الثامن من تشرين الأول الماضي بعيد عملية “طوفان الاقصى” وقرار “حزب الله” وعدد من المجموعات اللبنانية والفلسطينية استخدام الجبهة هناك لدعم غزة وإشغال الجيش الإسرائيلي بمعارك أخرى تخفف من حدة الهجوم على القطاع، فأظهر الإقتتال الحاصل على امتداد الخط الحدودي بين لبنان وإسرائيل أن لا وجود للقرار 1701 سوى على الورق في أرشيف الأمم المتحدة، وأنّ القوات الدولية الموجودة جنوب الليطاني بموجب هذا القرار ليست سوى ديكور ويمكن في أي لحظة أن تتحول إلى رهينةٍ للعمليات العسكرية أو رهينةٍ للسياسة وحساباتها. وجاء اشتعال جبهة الجنوب أخيراً ليطرح أكثر من علامة استفهام حول مصير هذا القرار، وما إذا كان لا يزال نافذاً، أو إذا كان يفترض استصدار قرار أممي جديد بعد انتهاء القتال في غزة وتالياً جنوب لبنان.
أيضاً لا يبدو أنّ الجيش اللبناني قادر على تطبيق ما ينص عليه هذا القرار باعتبار أنّ سلاح «حزب الله» مغطى من قبل الحكومات اللبنانية، ولكن التساؤلات تدور حول عدم تمكن الجيش من منع مجموعاتٍ مسلحةٍ فلسطينيةٍ من إطلاق صواريخ من الجنوب اللبناني معرضةً لبنان وأهله للمزيد من المخاطر، فهل السبب أن الجيش قد تبلغ أنّ هذه المجموعات تعمل بالتنسيق وبتغطية من «حزب الله»؟ إزاء هذا الواقع فإنّ المعنيين بهذا القرار وبتمويل القوات الدولية وفي مقدمهم الولايات المتحدة الأميركية يتداولون أفكاراً تتعلق بكيفية تطوير هذا القرار وجعله فاعلاً في حفظ الأمن والاستقرار على جانبي الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وأشارت المعلومات إلى أنّ الأميركيين سيكونون أكثر تشدداً في هذا الإطار ولا سيما عندما يحين موعد التجديد للقوات الدولية في آب المقبل، علماً أنه في حال أصبحت الحرب شاملة بين الإسرائيليين و»حزب الله» فإنّ الأمور ستنقلب رأساً على عقب وسيكون هناك حتماً قرار جديد من مجلس الأمن يحاكي الوضع الجديد الذي قد ينشأ في الجنوب اللبناني. هذا التوجه سمعه العديد من المسؤولين اللبنانيين في لقاءاتهم داخل وخارج لبنان لا سيما عندما كانوا يكررون أنّ لبنان ملتزم بالقرار 1701، ويرفقون هذا الكلام بإبداء العجز عن ضبط الجبهة الجنوبية والقول إنّ قرار الحرب والسلم ليس في يدهم، فكان الجواب بأنّ هذه المبررات لا تمنع الكثير من دول العالم من إلقاء المسؤولية على الحكومة اللبنانية وقواها العسكرية والأمنية بدءاً من تأمين الحماية للقوات الدولية وصولاً إلى التطبيق الفعلي للقرار 1701، وأنّ الكثير من هذه الدول لا تفهم استقالة المسؤولين اللبنانيين من تنفيذ واجباتهم وبالتالي فإنّ طلب المساعدة من المجتمع الدولي والوقوف إلى جانب لبنان ومنع التصعيد والحرب عنه لن يتم إلا باستعادة الدولة اللبنانية لدورها وقرارها ليس تحدياً لأحد بل حماية للبنان واللبنانيين ومصالحهم.