بات موضوع التمديد لقائد الجيش العماد جوزاف عون الشغل الشاغل للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، فعظات الأحد والمواقف المعلنة وغير المعلنة تصبّ في هذا الاتجاه. ويرفض البطريرك أي تعيين في ظلّ غياب رئيس الجمهورية، ما يعني حكماً، سقوط هذا الطرح.

في قاموس سيّد بكركي، يعتبر موضوع التمديد للقائد مسألة ذات أهمية بالغة، وقد نجح في تكوين رأي عام مسيحي ضاغط في هذا الاتجاه. وتُرك رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل وحيداً في معركة إسقاط العماد جوزاف عون بعدما تراجع رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية عن تأييد باسيل في هذا المطلب.

ولم يتوقّف نشاط البطريرك الراعي على المواقف المعلنة، إذ جمع مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك الأسبوع الماضي، وكتب الفقرة المتعلّقة بالتمديد لقائد الجيش في البيان الختامي بيده، مستخدماً لغة صلبة وحازمة وغير قابلة للتأويل والتراخي، للدّلالة على إعطاء هذا الموضوع الاهتمام الأكبر.

حسمت بكركي أمرها، وقالت كلمتها، وهي: نعم للتمديد لجوزاف عون ولا لتعيين قائد جيش جديد. وتؤكّد مصادر بكركي لـ»نداء الوطن» أنّ البطريرك أسقط كلّ طروحات من يريد إسقاط جوزاف عون، فقيادة الجيش ليست لعبة أو مرتعاً لتصفية الحسابات السياسية أو أداة للتسلية فيما تعيش البلاد مرحلة أمنية دقيقة.

وتكشف المصادر حصول تواصل في الساعات الأخيرة بين الراعي ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي أكّد للبطريرك عدم تجاوز موقف بكركي وعمله المتواصل للتمديد للعماد عون، منتظراً تذليل بعض العقبات لتحديد جلسة حكومية للتمديد، فميقاتي يُحاول أن يحظى بغطاء سياسي لهذا الموضوع، وإذا لم يتأمن الغطاء الكامل سيمدّد بمن حضر، إذا تأمّن النصاب.

وأبلغ البطريرك الراعي كل من يلتقيهم أو يتواصل معهم من قادة مسيحيين وغير مسيحيين أنّ ملف التمديد للعماد عون لا مزاح فيه، وقد وصلت الرسالة البطريركية لجميع المعنيين، وعلى رأسهم باسيل.

ويبدي الراعي غضباً كبيراً على سلوك باسيل في ملفّ التمديد، وقد تدخّل عدة وسطاء، ومن بينهم نوّاب مقرّبون من باسيل من أجل معالجة الأمر، لكنّ البطريرك الراعي لا يقبل النقاش في سلوك قد يقود إلى الفراغ في قيادة الجيش أو إجراء حكومة تصريف أعمال للتعيين بلا وجود رئيس للجمهورية لإظهار أنّ موقع الرئاسة غير ضروري ويمكن تخطّيه في أمر مفصليّ كقيادة الجيش.

لا ينطلق الراعي في مقاربته موضوع قيادة الجيش من منطلق سياسي أو رئاسي، بل يقارب الموضوع من زاوية أمنية، ومن زاوية مؤسساتية، فهو لا يخجل من دعم ترشيح العماد جوزاف عون لرئاسة الجمهورية إذا نضجت ظروف انتخابه، لكن ليست هذه المعركة الآن، بل المعركة في مكان آخر، وهي كيفية حماية الجيش في هذه المرحلة الصعبة والمصيرية والعسكرية في تاريخ لبنان والمنطقة.

وتؤكّد مصادر بكركي رفض البطريرك كل طروحات المساومة بين قيادة الجيش ورئاسة الجمهورية، أو شطب البطريرك اسم العماد عون من قائمة المرشحين الرئاسيين في حال القبول بالتمديد له، وتعتبر بكركي أن من حقّ أيّ مارونيّ الترشح للرئاسة، ومجلس النواب هو من يقرّر اسم الرئيس المقبل، وبالتالي محاولة المساومة بين قيادة الجيش والرئاسة ساقطة، ولن تدخل بكركي في بازار كهذا.

تريد بكركي الحفاظ على هيبة الجيش ووجوده وكيانه، وعلى الدور الماروني، فهي لن تقبل بسقوط هذا الدور بعد الفراغ في رئاسة الجمهورية وحاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش، وبالتالي تخوض بكركي معركة في هذا المضمار ولا تراجع عنها حسبما تؤكد البطريركية المارونية.

الكاتب: ألان سركيس