بينما تتصاعد المخاوف من عمليات الاغتيال المركزة التي تنفذها إسرائيل جنوب لبنان، وكان آخرها استشهاد نجل النائب في حزب الله محمد رعد مع أربعة من رفاقه، بغارة جوية على منزل في بلدة بيت ياحون، ما زال اغتيال القيادي في كتائب القسام في لبنان خليل حامد خزار من مخيم الرشيدية، مع اثنين من طرابلس واثنين من الجنسية التركية، يحومه الكثير من علامات الاستفهام. ليس حول ظروف اغتيالهم وحسب، بل لأنها أيضًا المرة الأولى التي يعلن فيها عن استشهاد اثنين أتراك، كانوا برفقته، وهما بلال أوزتورك ويعقوب أردال.
في بيانها الأول يوم الأربعاء، قالت القسام بأن الخراز الملقب بـ”أبو خالد”، استشهد مع مجموعة من إخوانه مساء الثلاثاء، في غارة إسرائيلية جنوبًا أثناء “قيامه بواجبه الجهادي في جنوب لبنان”. وقالت “إن الشهيد القائد عمل في دعم وإسناد المقاومة في الداخل والخارج وكانت له بصمته الجهادية في الميدان”.
وبعد انتشار نبأ استشهاد شابين من طرابلس، وهما الشيخ أحمد عوض الملقب بـ”أبو بكر” وخالد ميناوي، كانت المفاجأة في بيان القسام التالي، بإعلان استشهاد أبو بكر وميناوي مع الشابين التركيين، ومما جاء فيه: “تزف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى شعبنا الفلسطيني المرابط وإلى جماهير أمتنا العربية والإسلامية والشعبين اللبناني والتركي الشقيقين، أربعة شهداء من لبنان وتركيا، ارتقوا في قصفٍ صهيوني غادر على جنوب لبنان، الثلاثاء 21 تشرين الثاني 2023 ، أثناء قيامهم بواجب التضامن والنصرة والإغاثة لشعبنا الفلسطيني، الذي يتعرض في قطاع غزة لعدوان صهيوني غاشم وحرب إبادة جماعية. وهم: اللبنانيان الشهيدان أحمد عوض وخالد ميناوي، والتركيان بلال أوزتورك ويعقوب أردال”.
ودفع هذا البيان إلى السؤال عن مدى دخول مقاتلين من جنسيات أجنبية إلى لبنان بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول، بغية القتال إلى جانب القسام وأسباب الاستعانة بهم عسكريًا، أو أسباب اضطرارهم للوصول إلى الجنوب من أجل تسليم المساعدات المالية. لكن سرعان ما تقدمت الرواية غير الرسمية، والتي ترجح أن هؤلاء الشابين التركيين، ومع الشابين الطرابلسيين، حضرا إلى الجنوب، بغية نقل مساعدات مالية للقسام، وهو الأمر الذي لم يتم قطعه كما لم يوضحه بيان القسام.
وكان هؤلاء الشهداء يتنقلون في سيارة “رابيد” عندما استهدفتهم الغارة الإسرائيلية، على طريق فرعية بين الشعيتية والقليلية قضاء صور جنوب لبنان.
عمت في طرابلس حالة من الغضب، بسبب تأخر وصول جثامين الطرابلسيين ومعهما التركيين من مستشفى الرسول الأعظم في بيروت، وهم يترقبون نتائج التحقيق الذي تجريه القسام حول ظروف اغتيالهم، خصوصًا أنهم كانوا بمخيمي البص والرشيدية، وفق المعطيات الأولية.
وحظي مقتل الشيخ أبو بكر بضجة واسعة في طرابلس، لا سيما أنه ينتمي إلى هيئة علماء المسلمين، وهو شيخ معمم وإمام في مسجد التقوى ومساعد للشيخ سالم الرافعي. ويقول مقربون منه لـ”المدن” بأن توجهه ورفاقه إلى الجنوب كان بهدف إيصال المساعدات المالية إلى القسام، والتبرعات التي يتم جمعها في طرابلس.
وواقع الحال، ساهم استشهاد هؤلاء بتعزيز نصرة شريحة واسعة من شباب طرابلس لكتائب القسام، ويعبر كثيرون عن رغبتهم بالقتال إلى جانبهم لنصرة القضية الفلسطينية، وتعزيز حضورهم على خط المواجهة عند الحدود الجنوبية، وربطًا برمزيته كلبنانيين من أبناء الطائفة السنية. وهي مسألة ستظهر بوادرها واحتمالاتها وتداعياتها في المرحلة المقبلة، خصوصًا إذا ما عادت واشتعلت الحرب واشتدت في قطاع غزة، وإذا ما تصاعد المواجهات بين حزب الله وقوات الاحتلال جنوبًا، بعد إعلان هدنة لأيام المعدودة.
المصدر: المدن