كان لبنان اول السباقين الذين أعلنوا الاضراب الشامل في القطاعات والدوائر الرسمية اليوم، تضامنًا مع قطاع غزة الذي يشهد حرب نتيجة عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها حماس في السابع من تشرين الأول من العام الجاري.
في الواقع عنوان لافت “نتضامن” لكن عمليًا، ما الإفادة من الاضراب هذا؟ بما يفيد غزة؟ بما يضغط الاضراب على إسرائيل؟
دخلت الدولة اللبنانية الاضراب، بالمقابل دخلت إسرائيل الى عمق 23 كلم داخل الأراضي اللبنانية حيث شنت غارة على بلدة عرمتا في قضاء جزين، وصوت التفجيرات الناتجة عن الغارة مؤشر على ان المستهدف هو مخزن أسلحة للحزب.
تعمل إسرائيل بالتوازي مع حربها في غزة على الضغط سياسيًا في المحافل الدولية الى تطبيق القرار 1701 الذي أقره مجلس الامن في العام 2006 كتسوية لوقف حرب تموز على لبنان، الذي يحمل في بنوده تطبيق القرارات الدولية السابقة (1559 و1680) بالإضافة الى إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من الميليشيات.
القرار الإسرائيلي بتطبيق القرار 1701 وابعاد الحزب الى ما وراء الليطاني “محسوم”، وبات معلن في الإعلان وفي تصاريح المسؤولين الإسرائيليين. كيف تلاقي الحكومة اللبنانية هذا الإعلان، بالإضراب الشامل؟ ليس غريبًا عن دولتنا الهروب من مسؤولياتها تجاه الوطن والمواطن، لذلك الاضراب واقفال المؤسسات الرسمية من أسهل إجراءاتها.
ان نجحت إسرائيل في تطبيق ما تريده من القرار وهو إبعاد الحزب عن حدودها، هل من احدٍ سأل الى اين سيذهب الحزب بسلاحه الذي سيسحب من الجنوب؟ سيسلم الى الدولة؟ أم انه سينقل ايضًا الى مربعاته الأمنية في البقاع وبعلبك وجبيل؟
تعزيز المناطق التي لا بيئة وازنة للحزب فيها كجبيل مثلا بالسلاح وإقامة نقاط امنية فيها للحزب لحماية سلاحه لن تكون أمرًا بمنتها السهولة أو انها واقع قد يتأقلم به سكان المناطق هذه، بل هو شرارة لاقتتال الداخلي.
حرب غزة كفيلة لنعرف ان إسرائيل لن ترحم في حروبها ولا قواعد تلتزم بها، ألحقت الدمار بقطاع غزة بالكامل بغض النظر عن أخذ المسلحين من المدنيين دروعًا بشرية، لكن عند الاقتراب من أمنها القومي لن تأخذ بعين الاعتبار حقوق انسان أو معاهدات، بل دمرت.
خلاصة القول هكذا مصير لبنان وما من رادع لإسرائيل لا الحزب ولا المجتمع الدولي الذي هو غائب اليوم من الحرب، لذلك الـ 1559 ضرورة وتجريد الحزب سلاحه هو الوحيد الذي يجنب لبنان “غزة ثانية”.