شغلت حرب غزة منذ اندلاعها مع عملية طوفان الاقصى دول العالم قاطبة، خشية تفلت الامور من عقالها وتحولها الى حرب اقليمية فعالمية، ما زالت العواصم الكبرى تسعى في حركة مكوكية للجمها لا سيما واشنطن وباريس والدوحة والقاهرة. بيد ان الانشغال هذا لم يحجب الضوء عن ملفات اخرى لا بد من متابعتها لا سيما في لبنان حيث تتناسل الازمات منذ عام ونيّف بفعل الشغور الرئاسي والانهيارات المتتالية فصولا سياسيا واقتصاديا وماليا واجتماعيا، الا ان ملفا اساسيا يطرح نفسه بقوة نسبة لتداعياته الخطيرة بعدما لامست الخط الاحمر الامني، عنوانه النزوح السوري، وقد حمله الى جنيف اخيرا رئيس الحكومة نجيب ميقاتي حيث شارك في المنتدى العالمي للاجئين وعقد سلسلة اجتماعات كان ابرزها مع المفوض السامي للامم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، واعلن على الاثر تسليم المفوضية الامن العام اللبناني كامل الداتا المتعلقة بالنازحين وبدء فرز الجداول وتبيان كل حالة بمفردها . وشجع رئيس الحكومة المفوضية على تحويل دعمها للنازحين السوريين عبر مشاريع تحفيزية في بلدهم تشجعهم على العودة .
وفي حين يواصل مستشار الرئيس ميقاتي للشؤون الاقتصادية سمير الضاهر اجتماعاته مع رئيس الرابطة المارونية خليل كرم، بعدما اجتمع بداية مع المسؤول عن الملف في الرابطة العميد منير عقيقي ، بحثا عن كيفية تطبيق خريطة الطريق التي اعدتها اللجنة الخاصة في الرابطة، تكشف اوساط دبلوماسية اوروبية لـ”المركزية” عن معلومات تصفها بالـ”مذهلة” حصلت عليها من مراجع امنية تتعلق بالنازحين السوريين، اذ بعدما روج الخارج لتبرير النزوح “ان السوريين الذين يدخلون لبنان انما لاسباب اقتصادية وليست سياسية”، اظهرت المعلومات اياها ان معظم دفعات النازحين الى لبنان مسلح بسلاح خفيف اومتوسط او يحمل قنابل، وبيانات مديرية التوجيه في الجيش اللبناني التي تصدر عقب توقيف نازحين خلال مداهمات لأبلغ دليل.
وتكشف المعلومات الامنية عن ضبط مبلغ 70 الف دولار في حوزة نازح في حين عثر مع سيدة نازحة على مبلغ 20 الف دولار، وخلال مداهمات استهدفت احدى مخيمات النازحين في منطقة اخرى ،اكتشفت القوى الامنية وجود كميات من المال لا يستهان بها مع سوريين يقولون انهم اتوا الى لبنان لاسباب اقتصادية، فهل على هذا النحو يكون النزوح الاقتصادي؟
وتنقل الاوساط عن مسؤول امني قوله ان مخيمات السوريين تحولت الى خيم ارهابٍ نظرا لكمية السلاح المضبوطة فيها، مشيرا الى ان لا تواجد لقوى نظامية سورية على المعابر الشرعية وغير الشرعية وقد باتت اكثر من ان تعد او تحصى في الجرود الفاصلة بين البلدين.
ولا يخفي المسؤول الامني ان القوى السورية متواطئة في تسهيل النزوح الى لبنان كونها لا تمنع العبورغيرالشرعي، حتى ان القوى النظامية ترشد القادمين الى المعابر الامنة ، لان ثمة معابرتم تفخيخها ، وهي ترعى شبكات التهريب.
ازاء هذا الواقع، تكشف الاوساط الدبلوماسية ان اكثر من 13 مليون سوري موجودون خارج سوريا وقد باتت مناطقها في الجزء الاوسع منها آمنة، فلماذا لا يعطى السوريون الموجودون خلافا للقانون انذارا ومهلة للمغادرة، خصوصا من يثبت انهم غير معرضين للخطر في بلداتهم ومدنهم ، على ان يتم ارسالهم الى داخل الاراضي السورية وتشديد الاجراءات لمنع عودتهم ، على غرار اؤلئك الذين “يدخلون من الباب ويخرجون من الطاقة”.
وتختم متسائلة عن غياب التنسيق الرسمي بين البلدين والاكتفاء بزيارات ولقاءات لا طائل منها ، لم تُعِد نازحا واحدا حتى اليوم،.فاين امين عام المجلس الاعلى اللبناني السوري نصري الخوري ولماذا لا يتحرك ويؤدي الدورالمطلوب منه في هذا السياق؟