يتعرض رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامي الجميّل منذ أيام الى حملة تخوين وصولا الى هدر دمه، وذلك بعد مقابلة اجراها في فرنسا كان في سياقها ضيفة قيل انها تحمل الجنسية الإسرائيلية.

في الأسابيع السابقة كان الجميّل أول المحذرين من أن يكون الحل للحرب الدائرة على أراضي الجنوب اللبناني، على حساب طرف ثالث أي الدولة اللبنانية، معلنًا رفضه بان تكون بيروت جائزة ترضية لحزب الله مقابل تسوية الحدود البرية كما يناسب إسرائيل.

لذلك حملة التخوين هذه التي باتت لعبة من ألاعيب حزب الله، مهمتها حرف انظار بيئته خاصة والرأي العام عمومًا عن المفاوضات التي يجريها خلسةً مع الدولة الإسرائيلية على رأسها مجلس الحرب الذي تشكّل بعد 7 أكتوبر. كما أن هذا النهج امتهنه حزب الله في التعامل مع معارضيه لإخضاعهم وترهيبهم وصولاً الى الاغتيال، أمّا حملة التخوين والاتهام بالعمالة فهي وسيلة للحزب للهروب من أخطائه التي لا حِجّة مقنعة لتبريرها.

من جهته، توجّه النائب سامي الجميّل في اطلالته التلفزيونية الأخيرة على قناة “الجديد” إلى جمهور حزب الله، وتمنّى عليهم الابتعاد عن ثقافة الموت والانغلاق عن العالم، والتوجه نحو ثقافة الحياة والعِلم، ومعرفة ان الحياة للتطور الذاتي لا للموت في سبيل ما لا يعنينا اكرامًا لاحد، وبعد هذه المخاطبة انكبّ الجيش الالكتروني للحزب بإتهام الجميّل بالعمالة واصفينه بـ “الناطق” بما يُرضي الإسرائيلي.

نسي حزب الله أن من يرضي إسرائيل هو الذي رسم الحدود البحرية مع الحكومة الإسرائيلية لا الحكومة الفلسطينية أي اعتراف مباشر بدولة إسرائيل، من يرضي إسرائيل هو الذي تنازل عن 1400 كلم مربع من المياه الإقليمية للإسرائيلي، من يرضي إسرائيل هو الذي ساوم على حقل كاريش النفطي مقابل حقل قانا الذي لا دليل انه نفطي، من يرضي إسرائيل هو الذي لم يحرك مدفعه لتحرير شمال الغجر ومزارع شبعا، من يرضي إسرائيل هو الذي يبعثر الامن في لبنان ويجتاح العاصمة بيروت بسلاحه ويغزو عين الرمانة، من يرضي إسرائيل هو الذي أصبح حارسًا لحدود إسرائيل الشمالية. من يرضي إسرائيل هو الذي اغتال رئيس حكومة بلده التي شهد لبنان في عصره إعادة البناء والازدهار، من يرضي إسرائيل هو من فجر مرفأ بيروت لينعش مرفأ حيفا وهو اليوم يعرقل التحقيق لطمر الحقيقة، من يرضي إسرائيل هو الذي رفض تسليح الجيش بهبة سعودية تخوله ان يشكل خطر على إسرائيل، من يرضي إسرائيل هو الذي يأوي في بيئته عملاء لإسرائيل أحبطتهم الدولة اللبنانية.

بعدما أثبتت معارك الحزب في الخارج فشلها، يحوّل مدفعه الى حملة تخوين على سامي الجميّل لعله يكسب في السياسة الداخلية شيئًا.

إذاً الواقع لن يتغيّر والجميع يرى بوضوح تهمة العمالة إلى من تُنسَب. فالعمالة حتماً من صفات المُرتهن لإيران والمموّل منها ولن تكون يوماً تهمة لعائلةٍ قدّمت الرئيس بشير الجميّل والوزير الشاب بيار الجميّل شهداء دفاعاً عن الوطن وسيادته. العمالة ليست لأبناء حزب الاستقلال.

رهانكم على فائض القوة الذي بحوزتكم لن يجدي لتغيير الواقع، فالسيادي واضح والمرتهن للخارج “أوضح”، عودوا إلى كنف الدولة والوطن أي الملجأ الوحيد، فعند تبدُّل مصالح الدول قد تكونوا الورقة التي تحرقها ايران لتكسب في ضفّةٍ أخرى، وعندها يكون البكاء وصرير الأسنان.