منذ نهاية عهد الرئيس السابق ميشال عون، ومع استمرار الشغور في سدة الرئاسة الأولى، بدأ الحديث بشكل واضح وصريح ومن دون مواربة عن واقع المواقع المسيحية في الدولة اللبنانية لاسيما المواقع التي تقع تحت باب “الفئة الأولى” وغيرها.

وفي هذا السياق، ظهرت إلى العلن عظات متتالية للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الذي رفع الصوت محذراً من تفريغ المواقع المسيحية وما يثير من مخاوف وعلامات استفهام في صفوف المسيحيين بشكل مباشر وصفوف اللبنانيين الذين يؤمنون بلبنان التعدد والعيش الواحد بشكل عام.

ومن أبرز ما قاله الراعي في هذا المجال، هو ما ورد في عظته في خلال ترؤسه  قداس السلام العالمي في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، إذ اعتبر أنّ “إطالة الشغور الرئاسي سيتبعه بعد مدة شغور في كبريات المؤسسات الوطنية الدستورية والقضائية والمالية والعسكرية والديبلوماسية. منذ الآن نحذر من مخطط قيد التحضير، لخلق فراغ في المناصب المارونية والمسيحية. وما نطالبه لطوائفنا نطالبه للطوائف الأخرى. لكننا نلاحظ تصويباً على عدد من المناصب المارونية الأساسية لينتزعوها بالأمر الواقع، أو بفبركات قضائية، أو باجتهادات قانونية غب الطلب، أو بتشويه سمعة المسؤول”.

ومن آخر القضايا المطروحة على صعيد المواقع المسيحية في إدارات الدولة وأهمية الحفاظ على التوازن الطائفي المعمول به، بدأ الحديث عن عدم تجاوب حكومة تصريف الأعمال مع طلب ادارة الجمارك تطويع 750 خفيراً متمرناً لصالح إدارة الجمارك، بعد أن وافقت عليه وزارة المالية.

الأب خضرا: لماذا لا تقوم حكومة تصريف الأعمال بتطويع 750 خفيراً متمرناً؟

توضيحاً لهذا الموضوع أكّد رئيس مؤسسة لابورا #الأب طوني خضرا في حديث مع “النهار” أن  “الخلل الذي نتحدث عنه اليوم في إدارة الجمارك في شقها العسكري يعود لسنوات فائتة.

والموضوع أنه في خلال العام 2018، بدأت الأرقام في مختلف المؤسسات العسكرية تشير إلى نوع من التوازن بين مختلف الطوائف، إذ بلغت نسبة تواجد المسيحيين في هذه المؤسسات ما يقارب الـ30%، لتبقى الجمارك الجهاز الوحيد الذي يحصد نسبة متدنية من مشاركة المسيحيين وهي لا تتخطى الـ22%”.

في تلك المرحلة زرت رئيس مجلس النواب نبيه بري مع ممثلين عن الأحزاب المسيحية والمرجعيات الدينية، وعرضنا الواقع عليه، فكان الاتفاق برفع عدد المسيحيين في الجمارك عبر فتح دورة جديدة يتم في خلالها ادخال عناصر جدد ثلثيهم من المسيحيين وثلثهم من المسلمين.

وبلّغ الرئيس بري هذا القرار لوزير المالية آنذاك علي حسن خليل.

وقبل انتهاء اللقاء مع بري، سألته: من يضمن هذا الاتفاق الشفهي؟، فأجاب “الرئيس بري”.”.

 

وأضاف خضرا: “خلال ولايته الرئاسية طلب الرئيس ميشال عون من المدير العام للجمارك بدري ضاهر فرز نتائج دورة الجمارك، فحصل ذلك وتم إدخال 1000 عنصر جديد، 500 منهم من المسيحيين و500 من المسلمين.

بعد هذا القرار، طعن 9 عناصر من الشيعة الذين نجحوا في الاختبارات، لكنه لم يتم توظيفهم نسبة لأن العدد المطلوب من العناصر الشيعية كان قد تم بلوغه، أمام مجلس شورى الدولة.

قأعطاهم شورى الدولة الحق في التوظيف، وبدوره مجلس الوزراء أعطى الحق بالتوظيف للتسعة المشار اليهم بالاضافة إلى 200 عنصر آخرين من المسلمين.

فضلاً عن أن مجلس الوزراء وافق مؤخراً على طلب تأجيل تسريح 500 عنصر من الجمارك لمدة 4 سنوات، ونسبتهم 80% من المسلمين.

وبالتالي إن احتسبنا عدد العناصر الجدد مع العناصر الممدد لهم، يمكن أن نقول إن ما لايقل عن 600 عنصر اضافي من المسلمين يضافوا الى إدارة الجمارك قي شقها العسكري ما يزيد من نسبة عدم الحضور المسيحي ويجعلها تقارب الـ18%”.

ويقول الأب خضرا: “المفارقة اليوم أن إدارة الجمارك تطلب تطويع 750 خفيراً متمرناً جديداً، فلماذا لا توافق حكومة تصريف الأعمال على هذا الطلب بدل التمديد لـ500 عنصر وأدخال 200 آخرين بصورة تضرب مبدأ المشاركة في إدارات الدولة”.

وختم خضرا متوجهاً إلى الحكومة متسائلاً عن “إصرارها على ضرب التوازن الطائفي في الدولة والهدف منه، ومخاطباً المسؤولين المسيحيين في لبنان قائلاً: “أنتم تتحملون مسؤولية ما يحصل، فأنتم تتحدثون عن حقوق المسيحيين من دون العمل من أجلها”.

“لابورا”: الحكومة تغيّب المسيحيين عن مؤسسات الدولة

وحذرت “لابورا” في بيان “من عدم تجاوب حكومة تصريف الأعمال مع طلب إدارة الجمارك تطويع 750 خفيراً متمرناً لصالح إدارة الجمارك، بعد أن وافقت عليه وزارة المالية وإعادة النظر بقرار مجلس الوزراء رقم 5 تاريخ 2022/9/7، باعتبار أن هذا القرار لا يتماشى مع مقتضيات الوفاق الوطني والعيش المشترك الذي تم التأكيد عليه في متن القرار الاساسي لمجلس الوزراء رقم 9 تاريخ 2020/7/14”.

وقالت: “ما يجري في العديد من الإدارات، وفي إدارة الجمارك، يكشف بشكل فاضح وخطير تواطؤ الحكومة على التغييب الممنهج للمسيحيين عن مؤسسات الدولة وبالتالي عن المشاركة في خدمة الوطن. وهنا تسأل لابورا: ألم يعد لدى المسيحيين كفاءات وطاقات لكي يتم استبدال أي موقع مسيحي في الإدارة العامة بشخص غير مسيحي؟ هل الموافقة على طعن من قبل 9 او 10 أشخاص من المتقدمين إلى الجمارك، يستوجب إدخال العشرات غيرهم معهم وهم من طائفة واحدة؟!”.

وتابعت: “إن صمّ الآذان عن المراجعات المتكررة من قبل أعلى المرجعيات المسيحية حول هذا الموضوع، يؤكد إصرار حكومة تصريف الأعمال على تمرير مشاريع الإقصاء ضد المسيحيين، وهو أمر لا يستهدف المسيحيين فحسب، بل  يستهدف لبنان بدستوره وصيغته، وسيؤدي إلى تغيير وجه الوطن، وهو أمر لا يمكن أن يتم السكوت عنه. لذلك تدعو لابورا حكومة تصريف الأعمال إلى التراجع عن قرارها المجحف بحق التوازن في لبنان، وليتحمل كل مسؤول في السلطة، بخاصة الوزراء والنواب المسيحيين مسؤوليتهم أمام من أعطاهم حق التمثيل”.

وختمت البيان: “ان المرحلة الدقيقة التي يمر بها لبنان تتطلب تضامنا وطنيا واصرارا جامعا للحفاظ على الشراكة الوطنية، لا سيما في الادارة العامة والاجهزة العسكرية، وان حل الشغور يكون بتصحيح الخلل فورا عبر الموافقة اولا على التطويع المقترح من قبل ادارة الجمارك والذي يعكس الحاجة الفعلية للادارة، وإعادة النظر في التعيينات الأخيرة في أكثر من إدارة، بالإضافة الى التنبه ووقف هذا الضرب الممنهج للشراكة والكيان.”

 

 

 

 

 

 

المصدر:النهار