يمتدح بعض من النواب الذي يعتبرون من الخصوم السياسيين لحزب الكتائب تصريح رئيسه النائب سامي الجميّل الذي لم يعارض الاعتراف بشهداء “حزب الله” وحركة “أمل”، شرط الاعتراف المقابل بشهداء المقاومة اللبنانية الذين بذلهم محور الكتائب و”القوات اللبنانية” في سبيل قضايا وطنية تاريخياً. ولا يشمل هذا الثناء جميع برلمانيي محور “الممانعة” الذين منهم امتنعوا عن إبداء موقف في الإجابة على المعادلة التي طرحها رئيس الكتائب.

وعندما يريد الكتائبيون تلخيص الأوضاع اللبنانية التي تحول من دون ترسيخ وطنيّ للشهداء على تنوع انتماءاتهم، يقولون إنه لم يحصل لقاء حقيقي للمصالحة والمصارحة بين جميع اللبنانيين بعد انتهاء الحرب الاهلية، فيما كان لا بدّ للدولة اللبنانية أن تأخذ على عاتقها هذه المهمة. وتتحمّل السلطات اللبنانية مسؤولية الحدّ من الاختلافات في وجهات النظر والبحث في التوصّل إلى هوية واحدة ومشتركة بين المواطنين على تنوّع مشاربهم وترسيخ انتمائهم الوطنيّ. ويعتبر الكتائبيون أنّ الإشكالية الأساسية تتمثل في عدم تغيّر ذهنية الدولة العميقة التي كانت أدارت لبنان في التسعينيات عبر النظام الأمني اللبناني السوري قبل أن يستعاض عنها بعقلية فوقية على نطاق أداء “حزب الله، فيما لم تستطع قوى 14 آذار سابقاً توطيد مفاهيم وطنية مشتركة بعد فرصة نموذجية هادفة إلى نشوء هوية لبنانية جامعة مع انتفاضة الاستقلال، ما لبثت أن تبدّدت سريعاً نتيجة تولي “حزب الله” مقاليد الدولة العميقة توالياً بدءاً من المرحلة اللاحقة لحرب تموز 2006 ثمّ شمولاً في أحداث أيار 2008.

يبدأ الحلّ من منطلق الكتائب عبر إصدار “حزب الله” تعليماته إلى جماعاته في وقف الحملات التخوينية والتهديدات في إزهاق أرواح معارضيه السياسيين. ويسعى حزب الكتائب إلى حثّ القوى السياسية المتنوّعة على الوضوح، حريصاً على التذكير بتوجّه سامي الجميّل إلى جمهور “حزب الله” قائلاً “إننا نريد العيش معكم في دولة حضارية تحترم حقوق المواطنين وعيشهم الكريم”. عملياً، لم تكن المحاولات السابقة الهادفة إلى الحدّ من الاختلافات التاريخية بين القوى السياسية أن أدّت إلى نتائج جذرية، خصوصاً بعدما جرت محاولة أريد منها، وفق الأحزاب السيادية، فرض كتاب للتاريخ عام 2012 من دون الأخذ في الاعتبار ملاحظات الفئات اللبنانية على تنوّعها، ما استدعى عامذاك القيام بتظاهرة دعا إليها شباب حزبي الكتائب والوطنيين الأحرار احتجاجاً على المنهج المقترح لكتاب التاريخ، تخللها إشكال واعتداء بالهراوات على المتظاهرين في ساحة رياض الصلح. وجرت المطالبة في سحب الموضوع نهائياً من التداول في انتظار إجماع اللبنانيين على الملفّ، وسط جدل بين القوى السياسية حول إدراج “ثورة الأرز” في الكتاب ونقاش طاول موضوعات منذ مرحلة الحرب، بما في ذلك انتصارات الكتائبيين في حرب السنتين ومعارك زحلة وحصار الأشرفية. فهل ثمّة ما تغيّر على نطاق محور “الممانعة” للاعتراف بشهداء خصومه في معارك ناشبة ضدّ جيوش غير لبنانية؟ وكيف سينظر إلى شهداء خصومه السياسيين؟

كان للنائب سامي الجميّل أن أكّد أنّ “كلّ انسان استشهد وقاتل دفاعًا بوجه غريب في الداخل هو شهيد ولو أنّني لا أوافق على الاعتبارات الأيديولوجية وكيفية انجرارنا إلى الحرب الذي هو منطق ديني قبل أن يكون وطنياً. وبمجرّد أن يموت إنسان على أرض لبنان بوجه غريب فهو شهيد، ولكنّ مشكلتنا مع “حزب الله” أنّه لا يبادر، فهل يعترف بشهداء المقاومة اللبنانية الذين استشهدوا على أرض لبنان بوجه الغريب أيّ السوري والفلسطيني؟”… هل من يلاقي رئيس الكتائب في مرحلة مقبلة؟