لم يكن كلام الأمين العام لـ”ح*ب الله” السيد حسن نصرالله عن النية في العودة إلى «العد» موجهاً للمسلمين السنّة ولا للدروز ولا للمسيحيين الموالين لمحور الممانعة، بل كان موجهاً في شكل واضح للمسيحيين المعارضين له وفي مقدمهم البطريركية المارونية و»القوات اللبنانية» و»الكتائب» وربما «التيار الوطني الحر» باعتبار أنه التحق أخيراً بالمعارضين للحرب. لقد كان السيد نصرالله واضحاً في كلامه وفي رسالته وملخصها «إن كنتم تعارضون الحرب وتدّعون أنّ أكثرية اللبنانيين معكم، فنحن في المقابل سنعود إلى مفهوم الأكثرية العددية وسنعتمدها باعتبارها ممارسة ديمقراطية تؤدي إلى تحكم الأكثرية العددية بالبلد والدولة وقراراتها».
من المعروف في الديمقراطيات أنّ الدول التي تواجه أزمات وطنية كبيرة تلجأ إلى استفتاء الرأي العام من أجل معرفة توجهات الأكثرية الشعبية.

إنّ الوضع في لبنان أصبح يستلزم تنظيم استفتاءٍ لحل أزماته الوجودية والمصيرية، ولكن المشكلة تكمن أولاً في الجهة التي ستنظم وستشرف على هذا الاستفتاء، فالسلطة اللبنانية ليس موثوقاً بها فهي لن تتمكن من ضبط حرية تصويت المواطنين في ظل سياسات التخويف والضغط وإثارة النعرات المذهبية والطائفية، ولذلك يفترض إيجاد جهاتٍ دوليةٍ محايدة تنظم هذا الاستفتاء وتكون الأولوية لدى هذه الجهات تأمين حرية وسرية التصويت من خلال تقنيات وآليات مختلفة.إن استفتاءً كهذا هو الوحيد الذي يتيح للبنانيين تقرير مصيرهم.
لا يمكن أن يُهدد اللبنانيون ولا سيما المسيحيين في كل مرة يعترضون فيها على سياساتٍ لثنائي «حزب الله» وحركة «أمل» بالعودة إلى الديمقراطية العددية أو إلغاء الطائفية السياسية، لإبعاد المسيحيين عما تبقى لهم من مواقع في خرقٍ وضربٍ واضحٍ لاتفاق الطائف الذي نص على المناصفة وهي ليست مناصفةً عددية فقط، بل هي ترقى في هدفها الوطني إلى مناصفةٍ في القرار أو بالأحرى الشراكة في القرار ولا سيما قرار الحرب والسلم، فمصير لبنان تقرره أكثرية تريد فقط مصلحة الشعب اللبناني على امتداد مساحة الوطن.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: نداء الوطن

الكاتب: بسام أبو زيد