كأن لعنة الجغرافيا التي تلاحقهم منذ السبعينات مكتوبة على جباههم، حتى بات مصيرهم مرتبطا بقرار من انتزع قرار الحرب والسلم من الدولة. إنهم مسيحيو قرى الشريط الحدودي الذين عادوا بعد خروج الجيش الإسرائيلي من أرضهم عام 2000 وأعادوا بناء ما تهدم من أملاك ومنازل ومحال تجارية، لتعاد الكَرة ثانيةً في تموز الـ 2006 وأعادوا بناء ما تهدم لأنهم يعلمون حتما أن الأرض لا تستباح بقرار “لو كنت أعلم”.

قد تكون الثالثة ثابتة وربما الأخيرة التي يدفع فيها مسيحيو الشريط الحدودي ثمن فاتورة حروب لا ناقة لهم فيها ولا جمل. لكن صمتهم على وجع التهجير صار نازفا، خصوصا وأن أهالي بعض القرى باتوا شهودا على عمليات اقتحام مسلحي ح*ب الله بيوتهم واستباحة حرماتها وتحويلها إلى مقرات أمنية وثكنات عسكرية مما يعرضها للقصف المباشر والتدمير. وهذا ما حصل في قرية القوزح.

موقع البلدة الإستراتيجي على تلة مواجهة لإسرائيل والمحاذية لبلدات تتعرض لقصف متواصل، دفع بأهلها للنزوح منذ ليل 9 تشرين الأول 2023، وبعد أيام على نزوح الأهالي علموا أن عناصر مسلحة تابعة لح*ب الله اقتحمت منازلهم في البلدة وتمركزت فيها وقامت بتمديد شبكة اتصالات أرضية، إلا أن الاتصالات التي أجراها أحد أعيان البلدة مع مسؤول أمني في الحزب أسفرت عن خروج المسلحين من المنازل وذلك في شباط الماضي.

عملية الإخلاء لم تدم أكثر من شهر ونصف إذ عاد المسلحون وتمركزوا في المنازل التي سبق واقتحموها إضافة إلى منازل أخرى. وعلى رغم المفاوضات التي تجددت بين اعيان البلدة و”المسؤول في الحزب”، لم تسفر إلا عن وعود بالإخلاء بحسب الوضع الميداني”.