لم تلملم الضاحية الجنوبية لبيروت جراحها بعد استهداف احد قادة حزب الله العسكريين “فؤاد شكر” بغارة، عاودت إسرائيل مسلسل استهدافاتها ولكن هذه المرة في مكان ظن كثيرون بأنه عصيا عليها، فأتى استهداف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران كالصاعقة على رؤوس الاقربين والابعدين.
للوهلة الأولى اعتقد كثر ان عمليتا الاغتيال حصلتا ضمن إطار الرد على حزب الله بعد ارتكابه مجزرة مجدل شمس، إلا انه لا رابط بين العمليتين سوى تزامن التوقيت للتنفيذ.
بعد عملية طوفان الأقصى تعهدت إسرائيل بالانتقام ومحاسبة المسؤولين، ومن ساعد ونفذ. اغتيال هنية يندرج ضمن عمليات الحساب بين حماس وإسرائيل اذ ان الأخيرة نشطت خلال العقود الماضية من اغتيال قادة حماس أمثال احمد ياسين وصولا الى هنية.
هنية في بنك اهداف إسرائيل وتصفيته توقعها كثر، واستبعدها من كان يعلم انه يسكن قطر ونادرا ما يخرج منها. زيارته لطهران ومشاركته في حفل تنصيب الرئيس الإيراني المنتخب حديثا ربما كانت الفرصة لتصفيته، وربما كانت أيضا الفرصة لتسليمه.
طهران عاصمة إيران والأب الروحي لمحور الممانعة من المحيط الى الخليج، كان من المفترض ان يكون يشعر هنية فيها بالأمن والسلام والاستقرار في ظل نفوذ وحراسة وامن الحرس الثوري، لكن أي من هذا لم يحصل. استهدف هنية في شمال العاصمة طهران وفي داخل مجمع سكني لقدامى المحاربين. سيناريو هوليودي يطرح اكثر من علامة استفهام ولكن السؤالين البارزين يبقيان:
هل فعلا لإسرائيل اذرع في العاصمة الإيرانية؟
ام، هل سلمت ايران رأس هنية تمهيدا لانطلاق التسويات؟
يبقى التاريخ والوقت كافيان لشرح كل السرديات، وتبقى حكمة جدودنا سيدة كل الحكم “عند تغيير الدول احفظ رأسك”.