تستغل اسرائيل فرصة جيوسياسية نادرة، لضرب حزب الله، تطابق فيها معطيين اقليميين ودوليين، الاول اقتراب موعد الانتخابات الاميركية، حيث اصبحت الادارة الاميركية بطة عرجاء، غير قادرة على المبادرة والضغط، والثاني قرار إيران بالتقرب من أميركا وتحسين علاقتها معها، وإعلان الاخوة الاميركية الايرانية، تمهيدا لرفع العقوبات الاميركية التي أنهكت إيران وافقرتها. وهنا يمكن القول ان رأس حزب الله العسكري وضع على “مأصلة” اقليمية ودولية وما من رادع لقطعه.
اثبتت الاحداث ان الايديولوجيا والعقيدة الدينية، قد تساعد في رفع معنويات مقاتل ودفعه للموت بشجاعة، لكنها لا تقوى على مواجهة التكنولوجيا، التي تستطيع ان تدير الاسلحة والجيوش وآلات الحرب والدمار، ما يجري في لبنان اثبت ان ادارة المساجد مختلف كليا عن ادارة الحروب.
لماذا وصلنا الى هنا، وأصبحنا أسرى مأزق يصعب حله؟! وما السبل التي علينا اتباعها، والمبادرات التي علينا اطلاقها، للخروج من الحفرة التي سقطنا فيها.
والدولة التي ندعو للعودة اليها، ليست منظومة السلطة القائمة اليوم، على الفساد والفشل والارتهان للخارج، بل دولة يتم بناؤها من بقايا السلطة “المشلعة”، وتنتظم هيكليتها من مفاهيم الاحتكام للدستور، والتسليم الطوعي بسيادة القانون ومن قيم المواطنة والشرعية الدستورية.
مليون نازح تركوا بيوتا لم تعد منازل، وعشرات القرى المدمرة، وحكومة عاجزة وفاقدة للمصداقية الوطنية، وغير عابئة بمصالح الناس وحياتهم وامنهم، وهياكل الدولة تم تفكيكها وتعطيلها وجعلها تافهة وصورية خارج الفعل والعمل، ومرافق عامة لا تعمل ولا تنتظم ولا تؤدي اي دور من ادوارها…
عزلتنا العربية والدولية غير مسبوقة، والدول والحكومات التي لا تصفق لمجرم الحرب نتنياهو في العلن، ترسل تهانيها في السر…
لا يوجد ما يُفرح! او يفرج قلقنا، الا إذا صنعنا قدرنا معا، ولا يمكن لملمة البلد دون اعادة انتظام المؤسسات، من رئاسة الجمهورية الى حكومة جديدة فاعلة
تضألت الفرص والمبادرات وبتنا امام خيار واحد يتيم اعلان حالة الطوارئ، وتسليم الجيش الامن والاشراف على المطار والمرفأ والمعابر الحدودية، دعوة النواب الى جلية انتخاب فعلية لا صورية، ليبدأ الرئيس الجديد مسار المفاوضات لوقف الحرب وقد يكون الثمن الذي على لبنان دفعه “اتفاق سلام” او اتفاق “أمنى” طويل الامد يعطي لبنان فرصة للخروج من الازمات الاقليمية لإعادة بناء اقتصاده ومؤسساته.