خبر اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصرالله وقع كالصاعقة على محور الممانعة، وباتوا في حيرة من أمرهم، كيف تمكنت اسرائيل من الوصول إليه بعد فشلها عدة مرات.

حتى القادة الكبار استطاع العدو الوصول إلى أغلبيتهم، ظهر تفوّق إسرائيل على الحزب وقد يكون عامل العملاء أحدها، لكنه ليس العامل الحاسم الذي أدى إلى ما أدى إليه. إبحثوا عن الداتا!

بعد اخفاقها في حرب تموز 2006 انشأت اسرائيل “الوحدة 8200″، التي عملت على بناء أدوات سيبرانية متطورة لاعتراض الهواتف المحمولة لحزب الله وغيرها من الاتصالات بشكل أفضل، وأنشأت فرقًا جديدة لضمان نقل المعلومات القيمة بسرعة إلى الجنود والقوات الجوية.

نصبت اسرائيل الطائرات بدون طيار وأقمارها الصناعية الأكثر تقدمًا فوق لبنان لتصوير معاقل حزب الله بشكل مستمر وتوثيق حتى أصغر التغييرات في المباني. 15 عامًا من العمل الامني المركز كانت نتيجته تحديد بيانات كل من يعيش في كل شقة، وكل من يزورها، وكل من يستخدمها ولأي غرض.

انتشار الحزب في سوريا عام 2012 لمساندة الأسد في قمع الانتفاضة أعطى إسرائيل الفرصة لكشفه في الميدان فبات واضحا لديها من يحصل على ترقية، ومن كان فاسداً، ومن عاد من سوريا ومن ذهب اليها.

كشفت حرب سوريا كمية هائلة من البيانات، من نعي العناصر والقادة ومن حضر احتفالات التأبين، والتي كانت مليئة بمعلومات صغيرة، بما في ذلك البلدة التي ينتمي إليها المقاتل، والمكان الذي قُتل فيه، ودائرة أصدقائه الذين ينشرون الأخبار على وسائل التواصل الاجتماعي.

المجموعة السرية التابعة لحزب الله كانت على اتصال وتبادل المعلومات مع جهاز المخابرات السوري الفاسد وسيئ السمعة، أو مع أجهزة المخابرات الروسية، التي كانت تخضع لمراقبة منتظمة من قبل الأميركيين.

عدا عن التفوق التكنولوجي بأقمار التجسس، والطائرات بدون طيار المتطورة، وقدرات القرصنة الإلكترونية التي تحول الهواتف المحمولة إلى أجهزة تنصت، تجمع إسرائيل الكثير من البيانات لدرجة أنها أنشأت مجموعة “الوحدة 9900″، المتخصصة بكتابة “خوارزميات” وغربلة “تيرابايتات” من الصور المرئية مما يمكنها العثور على أدنى التغييرات، حتى تحديد مكان جهاز متفجر على جانب الطريق، أو فتحة تهوئة فوق نفق أو تعزيزات خرسانية، مما يشير إلى وجود مخبأ.

بمجرد تحديد هوية أحد عناصر حزب الله، يتم إدخال أنماط تحركاته اليومية في قاعدة بيانات ضخمة من المعلومات، يتم سحبها من أجهزة يمكن أن تشمل الهاتف المحمول لزوجته، أو عداد المسافات في سيارته الذكية، أو موقعه.

بتحليل الروتين اليومي للمقاتل أو القائد في حزب الله، يصبح أي تغيير مفاجئ في هذا الروتين بمثابة تنبيه لضابط الاستخبارات للتحقق من الأمر.

كل واحدة من هذه العمليات تتطلب الوقت والصبر للتطور. على مدى سنوات، تمكنت المخابرات الإسرائيلية من ملء بنك أهداف ضخم لدرجة أنه في الأيام الثلاثة الأولى من عدوانها الذي بدأ الإثنين الفائت، حاولت طائراتها الحربية قصف 3000 هدف للحزب، وفقًا لأكثر من بيان رسمي صادر عن الجيش الإسرائيلي.

على شقّ آخر، يلعب العامل الجغرافي دورًا في تسهيل اختراقات اسرائيل للبنان وحزب الله.

استغلت إسرائيل كل الاخطاء الامنية التي ارتكبها حزب الله، فيما الحزب يسوق لفكرة الردع ومنهمك بتعزيز حضوره السياسي في الداخل اللبناني، بينما جهوده العسكرية انصبت على تأمين سلامة سورية الضرورية للحفاظ على خط الامداد من طهران الى بيروت.