يتلخّص كل ما يجري في اليومين الأخيرين بفكرة واحدة، وهي أن “حزب الله ليس معتادًا على التحرك الداخلي”. بمعنى أن عملية عزل حزب الله عن إيران وغياب قادته جعلته في حالة ارتباك داخلي وتخبّط دون معرفة كيفية تدوير الزوايا واتخاذ القرارات السياسية. فقد اعتاد أن يطيع إيران ويفرض مصالحها في لبنان بقوة السلاح.
وفي مقلبٍ آخر، تفوّقت القوى السياسية اللبنانية، وبالتحديد قوى المعارضة، على حزب الله في التحركات الداخلية، ونجحوا في سحب مرشحين لرئاسة الحكومة وتوحيد الأصوات على السفير نواف سلام، مما أدى إلى تحقيق نتيجة لصالحهم.
هذه النتيجة لم يتقبّلها حزب الله، وعدم رضوخ أي من الكتل لمطالبه “أفقد عقل” محمد رعد ونبيه بري، مما دفعهما إلى توجيه اتهاماتهما لوليد جنبلاط وجبران باسيل بالخيانة والغدر، متّهمين الاستشارات النيابية وتسمية سلام بأنها خطوة غير ميثاقية.
هذه “اللاميثاقية” التي يتحجّج بها معارضو نواف سلام لا جدوى لها، فكل ما يجري ميثاقي، والمتغير الوحيد هو عودة حزب الله إلى حجمه الطبيعي. ولا توجد أي محاولة لإقصاء أحد أو أي طائفة، إذ إن الرئيس جوزاف عون قال في خطاب القسم: “إن انكسر أحدنا انكسرنا جميعًا”، والرئيس المكلف في كلمته من القصر الجمهوري قال: “لست من أهل الإقصاء”. إذًا، اليد ممدودة للجميع خلافًا لما قاله محمد رعد، والرئيسان يريدان مشاركة الجميع دون تفرقة، وبالتساوي وفقًا للقانون والآليات المحددة لسير عمل العهد الجديد.
اعتاد الثنائي (الحزب والحركة) أن يفرض على القوى السياسية الشريكة في الوطن قرارات إيران بفائض قوته العسكرية التي كان يهدّد بها كل من يعارضه. لكن اليوم تغيّرت موازين القوى، وهذا السلاح سقط مع سقوط أذرع إيران في المنطقة. هيبة الحزب انفضحت وأثبتت أنها لا تحمي ولا تبني.