على الصعيد المسيحي، تبدو الأمور مشرقة مع انتخاب العماد جوزف عون رئيسًا للجمهورية، في خطوة حظيت بتوافق داخلي ودولي. هذا التطور لاقى صدى إيجابيًا واسعًا بين المسيحيين، حيث يُنظر إليه كفرصة لإعادة الزخم إلى الدور المسيحي على الساحة السياسية بعد سنوات من التراجع وتهميش الصلاحيات. الدعم السياسي الكبير الذي حظي به عون، مع تصويت 99 نائبًا من مختلف الكتل لصالحه، أضاف مزيدًا من الثقة إلى هذا الإنجاز الوطني.
هذا الانتخاب عكس تقاطعًا لافتًا بين مصالح القوى السياسية المختلفة. فالثنائي الشيعي يطمح إلى طي صفحة النزاعات والانطلاق في مشاريع إعادة الإعمار، بينما تسعى القوى السنية لاستعادة توازنها السياسي بعد سنوات من الإحباط الذي خلفه اغتيال الرئيس رفيق الحريري وتراجع دور سعد الحريري. من جهة أخرى، يجد المسيحيون في العماد عون شخصية قيادية قادرة على الإصلاح، ويرون فيه امتدادًا لنموذج الرئيس فؤاد شهاب بما يمثله من قوة ووضوح رؤية في إدارة الدولة.
هذا الحدث أنهى شعور الإقصاء المسيحي وأثار ارتياحًا كبيرًا في الأوساط الكنسية، حيث بادرت القيادات الدينية، وعلى رأسها بكركي، إلى التعبير عن دعمها لهذا التحول الإيجابي. وقد حرص الرئيس عون على التأكيد بأن المرحلة تتطلب تكاتف الجهود، داعيًا الكنيسة إلى تبني نهج متزن يتماشى مع متطلبات المرحلة السياسية الحساسة، خاصة أن لبنان لا يزال يتعافى من آثار الحرب المدمرة التي خلفت أضرارًا هائلة على كافة المستويات.
اليوم، ومع بروز ملامح عهد جديد، تتزايد التوقعات بتحقيق تقدم ملموس على صعيد إعادة بناء الدولة وتعزيز مؤسساتها. وتؤكد مصادر كنسية أن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق المسيحيين لدعم هذا المسار، عبر التخلي عن الحسابات الضيقة وتقديم المصلحة الوطنية على أي اعتبارات أخرى. وتشدد هذه المصادر على ضرورة تفادي عرقلة جهود الحكومة المرتقبة، لمنح العهد الجديد فرصة حقيقية للنجاح.
بكركي التي طالما عبرت عن قلقها إزاء الفراغ الرئاسي والشلل المؤسساتي، باتت اليوم تنظر بتفاؤل أكبر إلى المستقبل، معززة بأجواء الثقة التي أعقبت انتخاب رئيس الجمهورية وإنهاء الشغور في قصر بعبدا.