يتعامل رئيس الحكومة المكلّف ومعه القوى السياسية بتكتُّم شديد حول مجريات تأليف الحكومة باستثناء الثنائي الحزبي الشيعي الذي يتفرّد بالتسريب وتعبئة الفضاء الإعلامي بالأخبار الكاذبة والمدسوسة، وهذا التسريب ليس وليد الصدفة، إنّما يحصل عن سابق تصوّر وتصميم لثلاثة أسباب أساسية:

أولًا: لأنه بحاجة ماسة إلى الظّهور أمام بيئته بمظهر “القبضاي” بعد هزائمه وخسائره ونكساته، وبالتالي حاجته لأن يُثبت لبيئته أنّه ما زال قويًّا بعد هزيمته في الحرب، وهزيمته في انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس الحكومة، فيما القوى السياسية الأخرى ليست بحاجة لأن تثبت أي شيء سوى الحرص على تشكيل حكومة تتناسب مع طبيعة المرحلة الجديدة في لبنان والمنطقة.

ثانيًا: لأنّ المأزوم هو من يسرِّب ويملأ وسائل الإعلام بالأخبار ليسلِّط الضوء على نفسه ويحاول أن يفكّ عقدته بتضخيم دوره، فلو كان مرتاحًا مع نفسه لما كان مضطرًّا إلى التعامل مع التشكيل وكأنّه احتلّ الجليل، وهذا السلوك يؤكّد خسارته الموصوفة.

ثالثًا: لأنه يوهم نفسه وجمهوره بأنّ التعويض حكوميًّا، يطوي صفحة خسارته الجيواستراتيجيّة، فيما خسارته الحرب وتوقيعه اتفاق وقف إطلاق النار وسقوط الأسد والإرادة الدوليّة بإنهاء الدور الإيراني كلّها عوامل لا تعوّض بالحكومة ولا بغيرها.

وبالتوازي مع ما تقدّم يجدر تسجيل الملاحظات التالية:

الأولى: إنّ معظم ما يسرِّبه الثنائي كذب وتضليل.

الثانية: انتهى الزمن الذي يسلِّم فيه أسماء الوزراء قبل دقائق من إعلان التشكيلة.

الثالثة: فضّل الثنائي أن يعتمد الخيار السيء بالنسبة إليه بانتخاب العماد جوزف عون على الخيار الأسوأ وهو الشغور، وفي التأليف خياره أيضًا بين السيء أي المشاركة في الحكومة بشروط الدولة، وبين الأسوأ أي البقاء خارجها، والعبرة من ذلك كلّه أنّه لم يعد في موقع القادر على التعطيل لا بالتحالفات ولا بالقمصان السود.