بعد الحرب، لم ينجح حزب الله في إعادة تقديم نفسه كحزب قوي ومنتصر. فقد ظهرت فجوة ملحوظة بين السيد حسن نصرالله والشيخ نعيم قاسم على مستوى الكاريزما والحضور، وكذلك في القدرة على التأثير وجذب الجمهور. في العديد من إطلالاته، بدا الشيخ قاسم ضعيفًا في الحجة ومنهكًا في المظهر، بينما اتسم حضوره في مناسبات أخرى بالهامشية وعدم الإلمام بالتفاصيل الحاسمة. ولا سيما في آخر ظهور له عندما تناول موضوع تمديد مهلة الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب، والذي تحول إلى ما يشبه فضيحة إعلامية وسياسية له ولحزبه، مما أثار تساؤلات حول استعداداته واحترافيته.
من الواضح أن هذه الإطلالات كانت لها نتائج عكسية تمامًا عما كان يُتوقع منها، حيث فاقمت الإحباط لدى الجمهور وكشفت عن ضعف الحزب وتراجع قوته ليس على الصعيد العسكري فقط، بل سياسًا ايضًا، فقد تراجع الحزب عن قدرته على فرض خياراته السياسية، حيث فشل في تحقيق مرشحه سليمان فرنجية رئاسة الجمهورية، واضطر لقبول انتخاب العماد جوزاف عون رئيسًا، ونجاح المعارضة في إسقاط مرشح الحزب لرئاسة الحكومة، نجيب ميقاتي، لصالح تكليف القاضي نواف سلام بتشكيل الحكومة. كل هذا دفع بالنائب محمد رعد إلى التصريح بتوتر وارتباك من قصر بعبدا، ما كان بمثابة مؤشر على فقدان الحزب لقدرته على التحكم في المشهد السياسي كما كان في السابق.
ناهيك عن تنصل نعيم قاسم من عملية إعادة الاعمار، راميًا الملف على الدولة اللبنانية، وكأنها هي المسبب في الحرب أو صاحبة القرار، مما فاقم حالة الاستياء في البيئة الشيعية على الحزب، حيث تطرق البعض للقول ان أعمق نكسات الحزب هي في ان نعيم قاسم اعتلى سدة الأمانة العامة.
تبدو كل هذه التطورات دليلًا على أن سياسة الهيمنة والتحكم قد دخلت مرحلة التراجع، وهو ما يفرض على حزب الله التكيف مع هذا الواقع الجديد. أما استمرار حالة الإنكار، فلا شك سيؤدي إلى تفاقم خسائره.