صحيح أن ما يمر به حزب الله ليس بالقليل، العدو الإسرائيلي يراقب تحركاته جنوبًا، ويتملص دائمًا من الالتزام بالانسحاب، فيما الحزب حدد 23 الجاري موعدًا لتشييع حسن نصرالله. أخلاقيًا، التشييع لا يمكن أن يتم فيما الإسرائيلي رافض للانسحاب، على الأقل من الناحية الأخلاقية. أما على الحدود الشرقية فقد أُغلِقَت المعابر غير الشرعية وفقًا لما أعلنت إدارة العمليات العسكرية بسلسلة ألغام تمنع المهربين على جانبي الحدود من الاستمرار في أعمالهم، وربما هذا هو المطلوب من سوريا اليوم: وقف الإمداد العسكري وقطعه نهائيًا عن حزب الله.
يبدو الحزب مخنوقًا، وحتى في الداخل اللبناني، الأمور لم تعد بين يديه. لا بل، الأحداث تتسارع والحزب يحاول اللحاق بها عاجزًا عن إبطائها أو الحد من خسائرها. انتُخب رئيسًا للجمهورية وتم تأليف حكومة بمشهد انقلابي سياسي حتى أكثر المناوئين للحزب لم يكونوا يتوقعونه. حرصت المعارضة على تمثيل الثنائي الشيعي في الحكومة كبادرة حسن نية، تاركةً للحزب والحركة تقدير موقفها بالامتناع عن التعطيل. كل ما بناه الحزب، وكل ما طمح إليه سياسيًا، وكل المفاهيم والأعراف الدستورية التي حاولا تكريسها لعقود، انهار في 3 أسابيع.
أمام الثنائي خياران: إما يدخلان في السياسة المحلية بعد تسليم السلاح إلى الجيش اللبناني، ويشاركان في الحكم ليس كممثلين حصريين لطائفتهما بل كحزبين سياسيين فقط، لأن تشكيل الحكومات يمكن أن يتم بدونهما. وما يمكنهما من المشاركة في السلطة التنفيذية هو حجم تحالفاتهما الوطنية وحجم ذلك التحالف في مجلس النواب. أو يستمر في إثارة الفوضى والقلاقِل، وبالتالي يثير الرأي العام العالمي والدولي فيعيد تصنيف الحزب كمنظمة إرهابية، ويفرض المجتمع الدولي على لبنان اقتلاع الحزب وتدميره.
إما أن يصبح حزب الله حزبًا سياسيًا أسوة بالأحزاب الأخرى، أو أن يصبح منظمة إرهابية مطلوبة خارجيًا وملاحقة داخليًا. هو يحدد.