في خطوة تعكس تحوّلًا استراتيجيًا في السياسة اللبنانية، أقرّت الحكومة يوم أمس البيان الوزاري الذي يعلن التزام لبنان بحق الدفاع عن نفسه وفقًا لميثاق الأمم المتحدة، ويؤكد على مسؤولية الدولة الكاملة في الحفاظ على أمنها وحماية حدودها. هذا البيان يختلف تمامًا عن بيانات وزارية سابقة كانت تتضمن عبارات تتعلق بالتمسك باتفاقيات الهدنة أو المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، لتأتي الصيغة الجديدة مؤكدة أن الأولوية هي لتأمين سيادة الدولة واستقلالها دون أي تداخلات خارجية.
كما أكد البيان على حق لبنان في الدفاع عن نفسه في حال حدوث أي اعتداء، طبقًا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة. ومن جهة أخرى، تم التأكيد على ضرورة تنفيذ ما ورد في خطاب القسم لرئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، الذي شدد على احتكار الدولة لحمل السلاح وتنظيم شؤون الأمن. وبذلك، يضع البيان الأسس لنقاش شامل حول سياسة دفاعية متكاملة تشمل الأبعاد الدبلوماسية، الاقتصادية والعسكرية، مما يعزز رؤية الحكومة في أن تكون الدولة اللبنانية هي الوحيدة التي تملك قرار الحرب والسلم.
هذا التحوّل في الخطاب الوزاري يلقى تجاوبًا مع تطلعات الشعب اللبناني، الذي بات يعاني من تداخلات القوى الخارجية التي كانت تفرض إرادتها على البلاد لعقود. ولعل الأبرز في هذا البيان هو أنه يأتي تماشياً مع خطاب القسم للرئيس عون، الذي يحمل تطلعات كبيرة نحو إعادة هيكلة النظام السياسي اللبناني بما يتماشى مع تطلعات السيادة الوطنية.
إن البيان الوزاري يحمل في طياته تحولًا جذريًا في السياسة اللبنانية، حيث يظهر التزامًا حقيقيًا بتطبيق القرارات الدولية وتنفيذ الاستراتيجيات الأمنية والدفاعية بعيدًا عن التعاطي مع القوى المهيمنة. هذا البيان يعد بمثابة نهاية لمرحلة كانت فيها الدولة تحت سيطرة نفوذ أطراف خارجية، وأصبح واضحًا أن لبنان يسعى لاستعادة قراره المستقل بعيدًا عن التدخلات الإيرانية عبر حزب الله وأتباعه.
البيان الوزاري، بهذا الشكل والمضمون، يمثل بداية مرحلة جديدة في تاريخ لبنان. مرحلة تتحرر فيها البلاد من أي تأثيرات أو أجندات خارجية، ويعيد فيها الجيش اللبناني دوره الريادي في حماية الوطن وفقًا للمعايير الدستورية. إن هذا التوجه الواضح نحو السيادة الكاملة يعكس إرادة الحكومة في تحقيق الاستقرار والأمن في لبنان، ويعزز الثقة في أن الدولة اللبنانية قادرة على استعادة مكانتها كمؤسسة سيادية قائمة على احترام القانون والدستور.