في السنوات الأخيرة، شهد لبنان تدفقًا مستمرًا للنازحين السوريين، الذين فروا من عنف نظام الأسد والحرب المستمرة في سوريا. ومع سقوط الأسد وبداية حكم المعارضة السورية برئاسة أحمد الشرع، عادت موجة جديدة من النزوح السوري الى لبنان وهذه المرة من سكان الساحل السوري (أغلبية من المذهب العلوي) الى شمال لبنان بعبورهم غير الشرعي للنهر الكبير هربًا من العمليات العسكرية الجديدة التي تشنها قوات الأمن العام السوري التابعة للنظام الجديد في منطقة الساحل السوري.
يواجه لبنان اليوم تحديًا جديدًا في مواجهة تداعيات هذا النزوح المتزايد، الذي يزيد من تعقيد أزمة اللاجئين السوريين في البلاد ويزيد من الضغط على النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي اللبناني، خاصة وان الموجة الجديدة من النزوح ناتجة عن عملية تطهير عرقي اذا صح القول، مما يعني ان الخوف لدى النازحين اليوم كبير ويقول البعض منهم انهم لا يريدون العودة الى سوريا مجددًا.
منذ بداية النزاع في سوريا، أصبح لبنان ملاذًا للعديد من السوريين الذين أجبروا على ترك ديارهم بسبب القصف والمجازر والتهجير القسري. ورغم محاولات الحكومة اللبنانية تخفيف الضغط الناتج عن هذا النزوح، فإن الأعداد الكبيرة من اللاجئين لا تزال تشكل عبئًا ثقيلاً على الاقتصاد اللبناني والموارد المحدودة. وقد أصبح لبنان، الذي يعاني أصلاً من أزمات اقتصادية وسياسية عميقة، ساحة لتحديات جديدة بسبب تدفق هذا الكم الهائل من النازحين. لكن النزوح السوري الجديد يبدو أنه سيضاعف من تعقيد هذا الوضع واعادته إلى نقطة الصفر، حيث تتضاعف أعداد المهجرين في لبنان.
تفاقم هذه الأزمة يتطلب موقفًا جادًا من المجتمع الدولي والمجتمع اللبناني نفسه. فلا يمكن تجاهل معاناة اللاجئين السوريين، ولكن في الوقت نفسه يجب أن تكون هناك حلول أكثر استدامة تضمن الحفاظ على الأمن الاجتماعي والاقتصادي للبنان.
لبنان ليس ملاذًا مفتوحًا بشكل دائم لجميع النازحين من أي منطقة كانت. من هنا، يجب ضرورة استنكار هذا النزوح المتزايد ورفضه على المستوى الشعبي والسياسي، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته وأن يتم التركيز على إيجاد حلول دائمة للنازحين السوريين داخل سوريا نفسها، والتنسيق مع الأمم المتحدة لتوفير الظروف المناسبة لإعادتهم إلى مناطقهم الأصلية بأمان. لبنان بحاجة إلى دعم حقيقي، ولا يمكن تحميله وحده هذا العبء الإنساني الكبير.
إن النزوح السوري الجديد إلى لبنان ليس مجرد مشكلة إنسانية، بل هو قضية تهدد استقرار لبنان بشكل مباشر. في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها لبنان، يجب أن تتضاف الجهود الداخلية والخارجية لإيجاد حلول جذرية للنزوح السوري، مع رفض أي تفاقم للأزمة التي لم يعد بإمكان لبنان تحملها.